اللوم عنده سفا، وذكر ذلك في قصة طويلة بتفاصيلها إلا أن هذا الذى ذكرته هو معناها.
وحدثني عز الدين أبو الحسن قال: حدثني أخي أبو السعادات رحمه الله قال:
كنت أشتغل بعلم الأدب على الشيخ أبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي البغدادي بالموصل، وكان كثيرا ما يأمرني بقول الشعر وأنا أمتنع من ذلك، قال: فبينا أنا ذات ليلة نائم رأيت الشيخ في النوم وهو يأمرني بقول الشعر، فقلت له: ضع لي مثالا أعمل عليه فقال:
جب لفلا مدمنا إن فاتك الطفر ... وخدّ حدّ الثرى والليل معتكر
فقلت أنا:
فالعزّ في صهوات الخيل مركبه ... والمجد ينتجه الإسراء والسهر
فقال لي: أحسنت هكذا فقل، فاستيقظت فأتممت عليها نحو العشرين بيتا.
وحدثني عز الدين أبو الحسن قال: كتب أخي أبو السعادات إلى صديق له في صدر كتاب والشعر له.
وإني لمهد عن حنين مبرّح ... إليك على الأقصى من الدار والأدني
وإن كانت الاشواق تزداد كلما ... تناقص بعد الدار واقترب المغنى
سلاما كسر الروض باكره الحيا ... وهبّت عليه نسمة السّحر الأعلى
فحا بمسكيّ الهوا متحلّيا ... ببعض سحايا ذلك المجلس الأسمى
وأنشدني عز الدين قال، أنشدني أخي مجد الدين أبو السعادات لنفسه:
عليك سلام فاح من نشر طيبه ... نسيم تولى بثّه الرند والبان
وحاز على اطلال مي عشية ... وجاد عليه معدق الوبل هتّان
فحملته شوقا حوته ضمائري ... تميد له أعلام رضوى ولبنان
واستنشدته شيئا آخر من شعره فقال: كان أخي قليل الشعر لم يكن له به تلك العناية، وما أعرف الآن له غير هذا، فقلت له: فأملّ عليّ تصانيفه، فأملى عليّ:
كتاب البديع في النحو نحو الأربعين كراسة وقفني عليه فوجدته بديعا كاسمه سلك فيه