تستحقه عليه، فعلمت أنه اتهمني به وبأن خرجت بذلك الحديث إليه وما كنت حدنته به، ووردنا إلى بغداد فحكى لي أن الطائع لله متجاف عن النية المنقولة إليه، وأنه لم يقربها إلى تلك الغاية، فثقل ذلك عليه وقال لي: تمضي إلى الخليفة وتقول له عن والدة الصبية إنها مسزيدة لإقبال مولانا عليها وإدنانه إياها ويعود الأمر إلى ما يستقيم به الحال ويزول معه الانقباض، فقد كنت وسيط هذه المصاهرة، فقلت: السمع والطاعة، وعدت إلى داري لألبس ثياب دار الخلافة فاتفق أن زلقت ووثئت رجلي فأنفذت إلى الملك أعرفه عذري في تاحرى عن أمره فلم يقبله، وأنفذ إلىّ من يستعلم خبري، فرأى الرسول لى علمانا روقة وفرشا جميلا، فعاد إليه وقال له: هو متعالل وليس بعليل، وشاهدته على صورة كذا وكذا والناس يغشونه ويعودونه، فاغتاط غيطا مجددا حرّك ما في نفسه مني أولا، فراسلني بأن الزم بيتك ولا تخرج عنه ولا تأذن لأحد في الدخول عليك فيه، إلا نفر من أصدقاتي استأذنت فبهم فاستنبي بهم. ومضت الأيام، وأنفد إليّ أبو الريان فطالبني بعشرة آلاف درهم وكنت استسلفها من إقطاعي فأديتها إليه، واستمر على السخط والصرف عن الأعمال إلى حين وفاة عصد الدولة.
وذكر غرس النعمة بن هلال، حدثني بعض السادة الأصدقاء وأنسيته وأظنه أبا طاهر محمد بن محمد الكرخي قال: كانت بنت عضد الدولة لما زفّت إلى الطائع بقيت بحالها لا يقربها خوفا أن تحمل منه فستولي الديلم على الخلافة، وكان الطائع يحبّها حبا شديدا زائدا موفيا، ويقفل عليها باب حجرتها إذا شرب، ويقول للخدم:
خذوا المفتاح ولا تعطونيه إذا سكرت ورمت الدخول ليها ولو فعلت مهما فعلت، فأقسم بالله لئن مكّنت من ذلك لأقبلن الذي يمكّنني منه، فإذا سكر منعه السكر من التماسك، وحمله الحبّ والهوى على المضي إليها والدخول عليها، فيجي إلى بابها ويأمر بفتحه ويتهدّد ويتوعّد ولا يقبل منه ولا يقرّ له أحد بمعرفة المفتاح أين هو ولا من هو معه إلى أن ينصرف أو ينام، فذاك كان دأبه ودأبها. وتقدم عضد الدولة إلى أبي علي التنوخي في أواخر أيامه بأن يمضي إلى الطائع ويطارحه عن والدة الصبية في المعنى بما يستزيده فيه لها ويبعثه به عليها بأسباب يتوصّل إليها وأقوال يصفها ويومىء إلى الغرض فيها رتّبها عضد الدولة ولقّنه إياها وفهّمه، فقال: السمع والطاعة،