احتشام فيها، فقلت: نعم انك عند وفاة والدك بشيراز أنفذت من كرمان وأخذت جاريته زرياب، وإن الخادم المخرج في ذاك وافى ليلة الشهر، فاجتهدت به أن يتركها تلك الليلة لتوفي أيام الحقّ فلم يفعل ولا رعى للماضي حقا ولا حرمة، فقال: والله لقد أنكرنا على الخادم إخراجه إياها على هذا الاعجال، ولو تركها يوما وأياما لجاز، وبعد فهذا ذنب الخادم ولا عمل لنا فيه ولا عيب علينا به، ثم ماذا؟ قلت: قال إن مولانا يعشق كنجك المغنية ويتهالك في أمرها، وربما نهض إلى الخلاء فاستدعاها إلى هناك وواقعها، فقال: إنا لله، لعنكما الله ولا بارك فيكما، ثم ماذا؟ فأوردت عليه أحاديث سمعتها من غير أبي الفضل ونسبتها إليه وقلت: لم أعلم أنني أقوم هذا المقام فأحفظ أقواله، وقد ذكر أيضا هذا الأستاذ- وأومأت إلى أبي القاسم وأبي الريان وجماعة الحواشي- فقال: ما قال في أبي القاسم؟ قلت: قال إنه ابتاع من ورثة ابن بقية ناحية الزاوية من راذان «١» بأربعة آلاف درهم بعد أن استأذنك استئذانا سلك فيه سبيل السخرية والمغالطة، واستغلّها في سنة واحدة نيفا على ثلاثين ألف درهم، وانه أعطى فلانا وفلانا ثمانية آلاف درهم على ظاهر البضاعة والتجارة فأعطاه نيفا وستين ألف درهم، فمات أبو القاسم عند سماعه ذلك، وأوردت ما أوردته منه مقابلة على ما ذكرني به. قلت: وقال في أبي الريان كذا وكذا، لأمور ذكرتها، وحضرت آخر النهار المجلس في ذلك اليوم على رسمي، فعاود التقريب لي والإقبال عليّ، واتفق أنه سكر في بعض الأيام وولع بكنجك ولعا قال لي فيه: وهذا من حديث أبي الفضل، وأشار إليه، فقلق أبو الفضل وقرب مني، وكنت أقعد ويقوم «٢» وقال لي: ما الذي أومأ إليّ الملك فيه؟ قلت: لا أدري فسله أنت عنه، ثم رحلنا عائدين إلى بغداد، فرآني الملك في الطريق وعليّ ثياب حسنة وتحتي بغلة بمركب وجناغ «٣» جواد «٤» فقال لي:
من أين لك هذه البغلة؟ قلت: حملني عليها الصاحب أبو القاسم بمركبها وجناغها، وأعطاني عشرين قطعة ثيابا وسبعة آلاف درهم، فقال: هذا قليل لك منه مع ما