قال: هيهات، ليت أني إذا ركبت أنا ومن معي وأصابنا من تراب العقيق نلنا بعض حاجتنا؛ قال: فواعدته العصر، وركبنا جميعا فوالله لكان كما قال، لقد أصابنا من تراب العقيق، قال: فتقدم رجل فقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء فقال لها الأمير: قولي لمولاك إني بالباب، قال: فدخلت فأبطأت ثم خرجت فقالت: إن مولاي يقرئك السلام ويقول: إن كانت مسألة فارفعها في رقعة يخرج إليك الجواب، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس فانصرف، فقال لها: قولي له إن معي كتاب والي مكة إليه في حاجة مهمة، قال: فدخلت وخرجت وفي يدها كرسي فوضعته، ثم إذا أنا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار، وهو شيخ طويل مسنون اللحية، فجلس وهو متطلّس، فرفع إليه الوالي الكتاب فبلغ إلى هذا:«إن هذا رجل من أمره وحاله، فتحدثه وتفعل وتصنع» . فرمى بالكتاب من يده ثم قال: سبحان الله، وصار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ بالوسائل «١» ؟ قال: فرأيت الوالي وقد تهيّبه أن يكلمه، فتقدمت إليه وقلت: أصلحك الله، إني رجل مطّلبيّ ومن حالي وقصتي، فلما أن سمع كلامي نظر إليّ ساعة، وكانت لمالك فراسة فقال لي: ما اسمك؟
قلت: محمد، فقال لي: يا محمد اتق الله واجتنب المعاصي فإنه سيكون لك شأن من الشأن، ثم قال: نعم وكرامة، إذا كان غدا تجيء ويجيء من يقرأ لك، قال فقلت: أنا أقوم بالقراءة، قال: فغدوت عليه وابتدأت أن أقرأه ظاهرا والكتاب في يدي، فكلّما تهيبت مالكا وأردت أن أقطع أعجبه حسن قراءتي وإعرابي فيقول: يا فتى زد، حتى قرأته في أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة حتى توفي مالك بن أنس، ثم خرجت إلى اليمن فارتفع لي بها الشأن، وكان بها وال من قبل الرشيد وكان ظلوما غشوما وكنت ربما آخذ على يديه وأمنعه من الظلم. قال: وكان باليمن تسعة من العلوية قد تحركوا [فكتب الوالي إلى الخليفة يقول إن ناسا من العلوية قد تحركوا]«٢»
وإنى أخاف أن يخرجوا وإن هاهنا رجلا من ولد شافع المطلبيّ لا أمر لي معه ولا نهي. قال: فكتب إليه هارون أن احمل هؤلاء واحمل الشافعي معهم فقرنت معهم؛ قال: فلما قدمنا على هارون الرشيد أدخلنا عليه وعنده محمد بن الحسن، قال: فدعا