باسناده، قال إسحاق بن راهويه: كنا عند سفيان بن عيينة نكتب أحاديث عمرو بن دينار، فجاءني أحمد بن حنبل فقال لي: يا أبا يعقوب قم حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله، قال: فقمت فأتى بي فناء زمزم، فإذا هناك رجل عليه ثياب بيض، تعلو وجهه السمرة، حسن السمت حسن العقل، وأجلسني إلى جانبه، فقال له: يا أبا عبد الله هذا إسحاق بن راهويه الحنظلي فرحّب بي وحيّاني، فذاكرته وذاكرني فانفجر لي منه علم وأعجبه حفظي، قال: فلما أن طال مجلسنا قلت له: يا أبا عبد الله قم بنا إلى الرجل، قال: هذا هو الرجل، فقلت له: يا سبحان الله أقمنا من عند رجل يقول «حدثنا الزهري» فما توهمت إلا أن تأتي بنا إلى رجل مثل الزهري أو قريبا منه، فأتيت بنا إلى هذا الشاب (أو هذا الحدث)«١» . فقال لي: يا أبا يعقوب اقتبس من الرجل فانه ما رأت عيناي مثله. قال الآبري، قال إسحاق: فسألته عن سكنى بيوت مكة (أراد الكرى) فقال جائز. فقلت: أي يرحمك الله، وجعلت أذكر له الحديث عن عائشة وعبد الرحمن وعمر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كره كرى بيوت مكة، وهو ساكت يسمع، وأنا أسرد عليه، فلما فرغت سكت ساعة وقال: أي يرحمك الله، أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هل ترك لنا عقيل من رباع أو دار، قال: فوالله ما فهمت عنه ما أراد بها ولا أرى أن أحدا فهمه. (قال الحاكم) فقال إسحاق: أتأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم فقلت: حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أنه لم يكن يرى ذلك، وأخبرنا أبو نعيم وغيره عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنه لن يكن يرى ذلك. (قال الحاكم) ولم يكن الشافعي عرف إسحاق فقال الشافعي لبعض من عرفه: من هذا؟ فقال: هذا إسحاق بن إبراهيم بن الحنظلي بن راهويه الخراساني، فقال له الشافعي: أنت الذي يزعم أهل خراسان أنك فقيههم؟ قال إسحاق: هكذا يزعمون، قال الشافعي: ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك فكنت آمر بعرك أذنيه.
وقال الحاكم في خبر آخر: قال له الشافعي لو قلت قولك احتجت إلى أن أسلسل، أنا أقول لك «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» وأنت تقول «عطاء وطاوس ومنصور