فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يقدر بابليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيّك آدما
وحدث الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار ثم ينصرف رضي الله عنه.
وحدث يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال، قال لي الشافعي رضي الله عنه: يا أبا موسى رضي الناس غاية لا تدرك، ما أقوله لك إلا نصحا ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر ما فيه صلاح نفسك فالزمه ودع الناس وما هم فيه.
وحدث الحسن بن محمد الزعفراني قال «١» : كنا نحضر مجلس بشر المريسي فكنا لا نقدر على مناظرته، فمشينا إلى أحمد بن حنبل فقلنا له: ائذن لنا في أن نحفظ «الجامع الصغير» الذي لأبي حنيفة نخوض معهم إذا خاضوا، فقال: اصبروا فالآن يقدم عليكم المطلبي الذي رأيته بمكة، قال: فقدم علينا الشافعي، فمشوا «٢» إليه وسألناه شيئا من كتبه فأعطانا كتاب اليمين مع الشاهد، فدرسته في ليلتين ثم غدوت على بشر المريسي وتخطيت إليه، فلما رآني قال: ما جاء بك؟ لست «٣» صاحب حديث، قال قلت: ذرني من هذا، أيش الدليل على إبطال اليمين مع الشاهد؟
فناظرته فقطعته، فقال: ليس هذا من كيسكم، هذا من كلام رجل رأيته بمكة معه نصف عقل أهل الدنيا.
وحدث الربيع بن سليمان قال «٤» : كنا عند الشافعي إذ جاءه رجل برقعة فنظر