للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها وتبسم، ثم كتب فيها ودفعها إليه، قال فقلنا: يسأل الشافعي عن مسألة لا ننظر فيها وفي جوابها؟ فلحقنا الرجل وأخذنا الرقعة فقرأناها وإذا فيها:

سل المفتي المكيّ هل في تزاور ... وضمة مشتاق الفؤاد جناح

قال وإذا اجابة أسفل من ذلك:

أقول معاذ الله أن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بهن جراح

قرأت في أمال أملاها أبو سليمان الخطابي على بعض تلامذته: قال الشيخ «١» : كان الشافعي رحمه الله يوما من أيام الجمع جالسا للنظر فجاءت امرأة فألقت إليه رقعة فيها:

عفا الله عن عبد أعان بدعوة ... خليلين كانا دائمين على الودّ

إلى أن مشى واشي الهوى بنميمة ... إلى ذاك من هذا فزالا عن العهد

قال: فبكى الشافعي رحمه الله وقال: ليس هذا يوم نظر، هذا يوم دعاء، ولم يزل يقول، اللهم اللهم حتى تفرق أصحابه.

ومثله ما بلغني أن رجلا جاءه برقعة فيها:

سل المفتي المكيّ من آل هاشم ... إذا اشتد وجد بامرىء كيف يصنع

قال فكتب الشافعي تحته:

يداوي هواه ثم يكتم وجده ... ويصبر في كلّ الأمور ويخضع

فأخذها صاحبها وذهب بها ثم جاءه وقد كتب تحت هذا البيت الذي هو الجواب:

فكيف يداوي والهوى قاتل الفتى ... وفي كلّ يوم غصّة يتجرّع

فكتب الشافعي رحمه الله:

فان هو لم يصبر على ما أصابه ... فليس له شيء سوى الموت أنفع

<<  <  ج: ص:  >  >>