عبد الله على مصر، ولم يزل الشافعي بمصر إلى أن ولي السري بن الحكم البلخي، من قوم يقال لهم الزطّ، مصر واستقامت له، وكان يكرم الشافعي ويقدّمه ولا يؤثر أحدا عليه، وكان الشافعي محببا إلى الخاص والعام لعلمه وفقهه وحسن كلامه وأدبه وحلمه، وكان بمصر رجل من أصحاب مالك بن أنس يقال له فتيان فيه حدة وطيش، وكان يناظر الشافعي كثيرا ويجتمع الناس عليهما، فتناظرا يوما في مسألة بيع الحر، وهو العبد المرهون إذا أعتقه الراهن ولا مال له غيره، فأجاب الشافعي بجواز بيعه على أحد أقواله، ومنع فتيان منه لأنه يمضي عتقه بكل وجه، وهو أحد أقوال الشافعي، فظهر عليه الشافعي في الحجاج، فضاق فتيان بذلك ذرعا فشتم الشافعيّ شتما قبيحا، فلم يردّ عليه الشافعيّ حرفا، ومضى في كلامه في المسألة، فرفع ذلك رافع إلى السري، فدعا الشافعي وسأله عن ذلك وعزم عليه فأخبره بما جرى، وشهد الشهود على فتيان بذلك، فقال السري: لو شهد آخر مثل الشافعي على فتيان لضربت عنقه، وأمر فتيان فضرب بالسياط وطيف به على جمل وبين يديه مناد ينادي هذا جزاء من سبّ آل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم إن قوما تعصبوا لفتيان من سفهاء الناس وقصدوا حلقة الشافعي حتى خلت من أصحابه وبقي وحده، فهجموا عليه وضربوه، فحمل إلى منزله فلم يزل فيه عليلا حتى مات في الوقت المقدم ذكره.
قال ابن يونس: كان للشافعي ابن اسمه محمد قدم مع أبيه مصر، توفي بها في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وقيل كان له ولد آخر اسمه محمد أيضا يروي عن سفيان بن عيينة ولي قضاء الجزيرة وتوفي بها بعد أربعين ومائتين.
هذا آخر ما ذكره القضاعي نقلته على وجهه.
ومن مشهور أصحاب الشافعي: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني «١» ، مات في سنة أربع وستين ومائتين.
والربيع بن سليمان وكان من أجلّ أصحاب الشافعي وأورعهم وأكثرهم تصنيفا.
ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم «٢» يكنى أبا عبد الله، صحب الشافعي وقرأ