وفيهن نفس لو يقاس ببعضها ... نفوس الورى كانت أجلّ وأكبرا
وما ضرّ نصل السيف إخلاق غمده ... إذا كان عضبا أين وجّهته برى
قرأت في «كتاب خطط مصر» لأبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي المصري صاحب «كتاب الشهاب» قال: محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الفقيه يكنى أبا عبد الله، توفي في سلخ رجب سنة أربع ومائتين بمصر، ودفن غربي الخندق في مقابر قريش، وحوله جماعة من بني زهرة من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري وغيرهم، وقبره مشهور هناك مجمع على صحته ينقل الخلف عن السلف في كل عصر إلى وقتنا هذا، وهو البحري من القبور الثلاثة التي تجمعها مصطبة واحدة غربيّ الخندق، بينه وبين المشهد، والقبران الآخران اللذان إلى جنب قبر الشافعي أحدهما قبر عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع مولى قريش مات سنة أربع عشرة ومائتين، ودفن إلى جنب من الشافعي، وهو مما يلي القبلة، وهو القبر الأوسط من القبور الثلاثة، وكان من ذوي الجاه والمال والذبائح، وكان يزكي الشهود، ولم يشهد قطّ لدعوة سبقت فيهم، والقبر الثالث قبر ولده عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم مات في سنة سبع وخمسين ومائتين، وقبره مما يلي القبلة، وعبد الرحمن هذا هو صاحب «كتاب فتوح مصر» وكان عالما بالتواريخ.
يقال ان الشافعي رضي الله عنه قدم إلى مصر سنة تسع وتسعين ومائة في أول خلافة المأمون، وكان سبب قدومه إلى مصر أن العباس بن عبد الله بن العباس بن موسى بن عبد الله بن العباس استصحبه فصحبه، وكان العباس هذا خليفة لأبيه