للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر ابن كامل: سألت أبا جعفر عن المسألة التي تناظر فيها هو والمزني فلم يذكرها لأنه كان أفضل من أن يرفع نفسه وأن يذكر [علوّه] على خصم في مسألة. وكان أبو جعفر يفضّل المزني فيطريه ويذكر دينه، وقال: جفا [عليّ] بعض أصحابه في مجلسه، فانقطعت عنه زمانا، ثم إنه لقيني فاعتذر إليّ كأنه قد جنى جناية ولم يزل في ترفّقه وكلامه حتى عدت إليه. وبلغنا أنه سئل بالفسطاط أن يردّ على مالك في شيء فردّ عليه في شيء كان الكلام فيه لابن عبد الحكم، وكانت أجزاء ولم تقع في أيدينا، ولعله مما منع الخصوم نشره.

وقال لنا أبو جعفر: لما وردت مصر في سنة ست وخمسين ومائتين نزلت على الربيع بن سليمان، فأمر من يأخذ لي دارا قريبة منه، وجاءني أصحابه فقالوا: تحتاج إلى قصرية وزير وحمارين وسدّة، فقلت: أما القصرية فأنا لا ولد لي وما حللت سراويلي على حرام ولا حلال قط، وأما الزير فمن الملاهي وليس هذا من شأني، وأما الحماران فإن أبي وهب لي بضاعة أنا أستعين بها في طلب العلم، فإن صرفتها في ثمن حمارين فبأي شيء أطلب العلم؟ قال: فتبسموا فقلت: إلى كم يحتاج هذا؟

فقالوا: يحتاج إلى درهمين وثلثين، فأخذوا ذلك مني، وعلمت أنها أشياء متفقة، وجاءوني باجانة وحبّ للماء وأربع خشبات قد شدوا وسطها بشريط وقالوا: الزير للماء، والقصرية للخبز، والحماران والسدة تنام عليها من البراغيث، فنفعني ذلك، وكثرت البراغيث فكنت إذا جئت نزعت ثيابي وعلقتها على حبل قد شددته واتزرت وصعدت إلى السدة خوفا منهم.

وقال هارون بن عبد العزيز، قال أبو جعفر: لما دخلت مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتحقق به، فجاءني يوما رجل فسألني عن شيء من العروض، ولم أكن نشطت له قبل ذلك، فقلت له: عليّ قول ألا أتكلم اليوم في شيء من العزوض، فإذا كان في غد فصر إليّ، وطلبت من صديق لي العروض للخليل بن أحمد فجاء به، فنظرت فيه ليلتي، فأمسيت غير عروضي وأصبحت عروضيا.

ثم رجع إلى مدينة السلام وكتب أيضا، ثم رجع إلى طبرستان وهي الدفعة الأولى ثم الثانية كانت في سنة تسعين ومائتين، ثم رجع إلى بغداد فنزل في قنطرة

<<  <  ج: ص:  >  >>