لأحمد منزل لا شكّ عال ... إذا وافى إلى الرحمن وافد
فيدنيه ويقعده كريما ... على رغم لهم في أنف حاسد
على عرش يغلّفه بطيب ... على الأكياد من باغ وعاند
[له] هذا المقام [لديه] حقا ... كذاك رواه ليث عن مجاهد
فخلا في داره وعمل كتابه المشهور في الاعتذار إليهم، وذكر مذهبه واعتقاده، وجرّح من ظن فيه غير ذلك، وقرأ الكتاب عليهم، وفضل أحمد بن حنبل وذكر مذهبه وتصويب اعتقاده، ولم يزل في ذكره إلى أن مات، ولم يخرج كتابه في الاختلاف حتى مات، فوجدوه مدفونا في التراب، فأخرجوه ونسخوه، أعني «اختلاف الفقهاء» هكذا سمعت من جماعة منهم أبي رحمه الله.
وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة، ولا ظهر من كتب المصنفين وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له، وكان راجحا في علوم القرآن والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء مع الرواية كذلك على ما في كتابه «البسيط» و «التهذيب» و «أحكام القراءات» من غير تعويل على المناولات والاجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة، وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبرا عن حاله فيه، وقد كان له قدم في علم الجدل يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به. وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دلّ عليه كتابه «في آداب النفوس» وكان يحفظ [من] الشعر للجاهلية والاسلام ما لا يجهله إلا جاهل به.
وقال أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد سمعت ثعلبا يقول: قرأ عليّ أبو جعفر الطبري شعر الشعراء قبل أن يكثر الناس عندي بمدة طويلة.
وقال أبو بكر ابن المجاهد، قال أبو العباس يوما: من بقي عندكم- يعني في