للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجانب الشرقي ببغداد- من النحويين؟ فقلت: ما بقي أحد، مات الشيوخ، فقال:

حتى خلا جانبكم؟ قلت: نعم إلا أن يكون الطبري الفقيه، فقال لي: ابن جرير؟

قلت: نعم، قال: ذاك من حذّاق الكوفيين. قال أبو بكر: وهذا من أبي العباس كثير، لأنه كان شديد النفس شرس الأخلاق، وكان قليل الشهادة لأحد بالحذق في علمه.

وقال عبد العزيز بن محمد: قنطرة البردان محظوظة من العلماء النحويين، كان فيها أبو عبيد القاسم بن سلام ومسجده وراء سويقة جعفر معروف به، وكان فيها علّان الأزدي ومسجده في هذا الموضع معروف به، وكان أبو بكر هشام بن معاوية الضرير النحوي وكان فاضلا مسجده عند مسجد أبي عبد الله الكسائي، وكان بها أبو عبيد الله محمد بن يحيى الكسائي وعنه انتشرت رواية أبي الحارث عن الكسائي وقرأ عليه كبار الناس، ونزلها أبو جعفر الطبري وكان أبو جعفر قد نظر في المنطق والحساب والجبر والمقابلة وكثير من فنون أبواب الحساب وفي الطب، وأخذ منه قسطا وافرا يدلّ عليه كلامه من الوصايا. وكان ظلفا «١» عن الدنيا تاركا لها ولأهلها يرفع نفسه عن التماسها، وكان كالقارىء الذي لا يعرف إلا القرآن، وكالمحدّث الذي لا يعرف إلا الحديث، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه، وكالنحويّ الذي لا يعرف إلا النحو، وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب، وكان عاملا للعبادات جامعا للعلوم، وإذا جمعت بين كتبه وكتب غيره وجدت لكتبه فضلا على غيرها.

ومن كتبه: كتابه المسمى جامع البيان عن تأويل القرآن، قال أبو بكر ابن كامل: أملى علينا كتاب التفسير مائة وخمسين آية ثم خرج بعد ذلك إلى آخر القرآن فقرأه علينا وذلك في سنة سبعين ومائتين، واشتهر الكتاب وارتفع ذكره، وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد يحييان، ولأهل الإعراب والمعاني معقلان، وكان أيضا في الوقت غيرهما مثل أبي جعفر الرستمي وأبي الحسن ابن كيسان والمفضل بن سلمة والجعد «٢» وأبو إسحاق الزجاج وغيرهم من النحويين من فرسان هذا اللسان، وحمل هذا الكتاب مشرقا ومغربا وقرأه كل من كان في وقته من العلماء وكلّ فضّله وقدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>