للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو جعفر يزعم أن ما في العالم من أفعال العباد فخلق الله، وان ما منّ الله به على أهل الإيمان من الاستطاعة التي وفقهم لها غير ما أعطاه لأهل الكفر من الدار والعقل، وان الله ختم على قلوب من كفر به مجازاة لهم على كفرهم.

قلت: وهذا الفصل رديء جدا، لأنه إن كان ختم قبل الكفر فقد ظلم، وإن كان بعده فقد ختم على مختوم، وهذا لم يقل به أحد من أهل السنة والجماعة إنما هو من أقوال الروافض والمعتزلة قبحهم الله.

وكان أبو جعفر يعتقد أن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن جميع ما في العالم لا يكون إلا بمشيئة الله، وان الله جل وعز لم يزل موصوفا بصفاته التي هي علمه وقدرته، وكلامه غير محدث.

قال أبو علي: وهذا الفصل يدلّ على أن ما لم يكن من الصفات كالعلم والقدرة والكلام أنها محدثة مخلوقة، وهذا محض كلام المعتزلة والأشعرية. قال: وكان أبو جعفر يذهب في الإمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب، إذ كانت أدلّة العقول تدفع كالقول في القدر وقول من كفّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات وفي الرسالة وفي أول «ذيل المذيل» وكان لا يورّث من الكفرة منهم، وذكر ذلك في «مسند أسامة بن زيد» عند كلامه في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يورث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولا يتوارث أهل ملتين شتّى، وكان لا يورث متكافرين، لا يورث يعقوبيا من النصارى من ملكي، ولا ملكيا من نسطوريّ، ولا شمعتيّا من اليهود سامريا، ولا عنانيا من الشمعتي، ووافقه على هذا المذهب الأوزاعي، فإذا اختلفت الكنائس والبيع لم يورث بعضهم من بعض.

قال أبو بكر ابن كامل: حضرت أبا جعفر حين حضرته الوفاة، فسألته أن يجعل كلّ من عاداه في حلّ، وكنت سألته ذلك لأجل أبي الحسن ابن الحسين الصواف، لأني كنت قرأت عليه القرآن فقال: كلّ من عاداني وتكلم فيّ حلّ إلّا رجل رماني ببدعة، وكان الصواف من أصحاب أبي جعفر، وكانت فيه سلامة، ولم يكن فيه ضبط

<<  <  ج: ص:  >  >>