العسل ويقبله منه، فلما مات وجد عنده إحدى عشرة جرة عسلا ومنها ما قد نقص منه.
وكان قد كتب «فردوس الحكمة» لعلي بن ربن الطبري وأخذه عن علي بن ربن مصنفه سماعا؛ قال أبو بكر ابن كامل: ورأيته عنده في ستة أجزاء.
وقال أبو العباس ابن المغيرة الثلاج: لما اعتل ابني أبو الفرج، وكان حسن الأدب ويتفقه على مذهب أبي جعفر، قال لي أبو جعفر: تقبل مني ما أصفه لك؟
فقلت: نعم، وكنت أتبرك بقوله ورأيه، قال: احلق رأسه واعمل له جوذاية سمينة من رقاق وأكثر دسمها وقدّمها إليه وأطعمه منها حتى يمتلىء شبعا، ثم خذ ما بقي فاطرحه على دماغه واحرص أن ينام على حاله تلك، فإنه يصلح إن شاء الله تعالى، ففعلت فكان سبب برئه.
وأبو الفرج هذا مات قبل أبي جعفر بمديدة، وكان أبو الفرج هذا يتعسف في كلامه: تجاروا يوما عند أبي جعفر فذكر الطبيخ فقال أبو الفرج: لكني أكلت طباهقة، قال أبو جعفر: وما الطباهقة؟ قال الطباهجة، ألا ترى أن العرب تجعل الجيم قافا. فقال أبو جعفر: فأنت إذا أبو الفرق ابن الثلّاق، فصار يعرف بأبي الفرق بن الثلاق، ويمزح معه بذلك.
وكان أبو بكر ابن الجواليقي يأخذ لسانه بالإعراب ويكثر الإشارات فيه إلى حدّ البغض، فأخذ يوما في ذلك، فقال أبو جعفر: أنت بغيض، فسمي بغيض الطبري، قال: ورأيت أنا هذا الانسان يوما وقد ورد إلى باب الطاق وكان مهاجرا لبعض الوراقين، فوقف علينا فسلم ثم اعتذر من وقوفه بالمكان لأجل الوراق، فقال: لولا من ما كنت بالذي (يعني لولا من هاهنا ما كنت لأقف على حانوتك) .
وكان بأبي جعفر ذات الجنب تعتاده وتنتقض عليه، فوجه إليه عليّ بن عيسى طبيبا، فسأل الطبيب أبا جعفر عن حاله فعرّفه حاله وما استعمل وأخذ لعلته، وما انتهى إليه في يومه ذاك، وما كان رسمه أن يعالج به، وما عزم على أخذه من العلاج، فقال له الطبيب: ما عندي فوق ما وصفته لنفسك شيء، والله لو كنت في ملتنا لعددت من الحواريين، وفقك الله. ثم جاء إلى علي بن عيسى فعرفه ذلك فأعجبه.
قلت: أكثر هذه الأخبار عن عبد العزيز بن محمد الطبري من كتاب له أفرده في