بقيت من رمضان سنة احدى وعشرين وثلاثمائة، وفي هذا اليوم مات أبو هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي فقيل: مات علم اللغة والكلام ودفنا جميعا في مقبرة الخيزران.
وقال المرزباني: دفن بالعباسية من الجانب الشرقي في ظهر سوق السلاح من الشارع الأعظم.
وقال التنوخي ورجاله: دفن ابن دريد بظهر السوق الجديدة المعروفة بمقابر العباسية من الجانب الشرقي.
ومولده بالبصرة في سكة صالح في خلافة المعتصم سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وبالبصرة تأدّب وعلم اللغة وأشعار العرب، وقرأ على علماء البصرة، ثم صار إلى عمان فأقام بها مدة، ثم صار إلى جزيرة ابن عمارة، ثم صار إلى فارس فسكنها مدة، ثم قدم بغداد فأقام بها إلى أن مات.
وحدث أبو بكر ابن علي قال: أبو بكر ابن دريد بصريّ المولد ونشأ بعمان وتنقل في جزائر البحر والبصرة وفارس، وطلب الأدب وعلم العربية، وكان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار، وورد بغداد بعد أن أسنّ فأقام بها إلى آخر عمره. وروى عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي وأبي حاتم السجستاني وأبي الفضل الرياشي، وكان رأس أهل هذا العلم، وروى عنه خلق منهم أبو سعيد السيرافي وأبو عبيد الله المرزباني وأبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني. وله شعر كثير وروى [من] أخبار العرب وأشعارها [ما] لم يروه كثير من أهل العلم.
وقال أبو الطيب اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» عند ذكر ابن دريد «١» : هو الذي انتهى إليه [علم] لغة البصريين، وكان أحفظ الناس وأوسعهم علما وأقدرهم على شعر، وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحد ازدحامهما في صدر خلف الأحمر وابن دريد. وتصدّر ابن دريد في العلم ستين سنة. وأول شعر قاله «٢» :
ثوب الشباب عليّ اليوم بهجته ... فسوف تنزعه عنّي يد الكبر