أنا ابن عشرين ما زادت ولا نقصت ... ابن ابن عشرين من شيب على خطر
وكان يقال ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء.
قال الخطيب، وقال محمد بن دريد «١» : كان أول من أسلم من آبائي حمامي، وهو من السبعين راكبا الذين خرجوا مع عمرو بن العاص من عمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدوه، وفي ذلك يقول قائلهم:
وفينا لعمرو يوم عمرو كأنه ... طريد نفته مذحج والسكاسك
وحدث أبو علي التنوخي قال «٢» : حدثني جماعة أن ابن دريد قال: كان أبو عثمان الأشنانداني معلمي، وكان عمي الحسين بن دريد يتولى تربيتي، فكان إذا أراد الأكل استدعى أبا عثمان يأكل معه، فدخل يوما عمي وأبو عثمان يروّيني قصيدة الحارث بن حلزة التي أولها:«آذنتنا ببينها أسماء» فقال لي عمي: إذا حفظت هذه القصيدة وهبت لك كذا وكذا، ثم دعا المعلم ليأكل معه، فدخل إليه فأكلا وتحدثا بعد الأكل ساعة، فالى أن رجع المعلم حفظت «ديوان الحارث بن حلزة» بأسره، فخرج المعلم فعرّفته ذلك فاستعظمه وأخذ يعتبره عليّ فوجدني قد حفظته، فدخل إلى عمي فأخبره فأعطاني ما كان وعدني به.
قال الخطيب «٣» عن من رأى ابن دريد أنه قال: كان ابن دريد واسع الحفظ جدا ما رأيت أحفظ منه، وكانت تقرأ عليه دواوين العرب كلها أو أكثرها فيسابق إلى إتمامها وتحفظها، وما رأيته قط قرىء عليه ديوان شاعر إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له.
قال «٤» : وسئل عنه الدارقطني فقال: قد تكلموا فيه.
قال وقال أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي: سمعت ابن شاهين يقول «٥» : كنا ندخل على ابن دريد ونستحي منه لما نرى من العيدان المعلّقة والشراب المصفّى