وأين أنت من قولي في صفة جيش:
في فيلق من حديد لو رميت به ... صرف الزمان لما دارت دوائره
وأين أنت من قولي:
لو تعقل الشجر التي قابلتها ... مدّت محيّية إليك الأغصنا
وأين أنت من قولي:
أينفع في الخيمة العذّل ... ويشمل من دهره يشمل
وما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعل
وفيها أصف كتيبة:
وملمومة زرد ثوبها ... ولكنها بالقنا مخمل
وأين أنت عن قولي:
الناس ما لم يروك أشباه ... والدهر لفظ وأنت معناه
والجود عين وأنت ناظرها ... والبأس باع وفيك يمناه
أما يلهيك إحساني في هذه عن إساءتي في تلك؟ قلت: ما أعرف لك إحسانا في جميع ما ذكرته، إنما أنت سارق متبع وآخذ مقصر، وفي ما تقدم من هذه المعاني التي ابتكرها أصحابها مندوحة عن التشاغل بقولك. فأما قولك:
كأن الهام في الهيجا عيون ... (البيت) فهو منقول من بيت منصور النمري:
فكأنما وقع الحسام بهامه ... خدر المنية أو نعاس الهاجع
وأما قولك «في فيلق» ... (البيت) فنقلته نقلا لم تحسن فيه، من قول الناجم:
ولي في حامد أمل بعيد ... ومدح قد قدمت به طريف
مديح لو مدحت به الليالي ... لما دارت عليّ به صروف
والناجم إنما نظمه من قول ارسطاطاليس «قد تكلمت بكلام لو مدحت به الدهر لما دارت عليّ صروفه» . وأما قولك «لو تعقل الشجر التي قابلتها» ... (البيت) فهذا معنى متداول تساجلته الشعراء وأكثرت فيه، فمن ذلك قول الفرزدق: