قال: بلى، قلت: فإنك أخذت البيت الأول من بيت بكر بن النطاح:
يتلقى الندى بوجه حييّ ... وصدور القنا بوجه وقاح
هكذا هكذا تكون المعالي ... طرق الجدّ غير طرق المزاح
وأخذت البيت الثاني فأفسدته من قول أبي تمام:
همة تنطح الثريا وجدّ ... آلف للحضيض فهو حضيض
قال: وبأيّ شيء أفسدته؟ قلت: بأن جعلت للشرف قرنا، قال: وأنى لك بذلك؟ قلت: ألم تقل «ينطح السماء بروقيه» والروقان القرنان. قال: أجل إنما هي استعارة، قلت: نعم هي استعارة خبيثة. قال: أقسمت غير محرج في قسمي أنني لم أقرأ شعرا قط لأبي تمامكم هذا، فقلت: هذه سوءة لو سترتها كان أولى، قال:
السوءة قراءة شعر مثله، أليس هو الذي يقول:
خشنت عليه أخت بني خشين ... وأنجح فيك قول العاذلين
والذي يقول:
لعمري لقد حرّرت يوم لقيته ... لو أن القضاء وحده لم يبرّد
والذي يقول:
تكاد عطاياه يجنّ جنونها ... إذا لم يعوّذها بنغمة طالب