للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: بلى، قلت: فإنك أخذت البيت الأول من بيت بكر بن النطاح:

يتلقى الندى بوجه حييّ ... وصدور القنا بوجه وقاح

هكذا هكذا تكون المعالي ... طرق الجدّ غير طرق المزاح

وأخذت البيت الثاني فأفسدته من قول أبي تمام:

همة تنطح الثريا وجدّ ... آلف للحضيض فهو حضيض

قال: وبأيّ شيء أفسدته؟ قلت: بأن جعلت للشرف قرنا، قال: وأنى لك بذلك؟ قلت: ألم تقل «ينطح السماء بروقيه» والروقان القرنان. قال: أجل إنما هي استعارة، قلت: نعم هي استعارة خبيثة. قال: أقسمت غير محرج في قسمي أنني لم أقرأ شعرا قط لأبي تمامكم هذا، فقلت: هذه سوءة لو سترتها كان أولى، قال:

السوءة قراءة شعر مثله، أليس هو الذي يقول:

خشنت عليه أخت بني خشين ... وأنجح فيك قول العاذلين

والذي يقول:

لعمري لقد حرّرت يوم لقيته ... لو أن القضاء وحده لم يبرّد

والذي يقول:

تكاد عطاياه يجنّ جنونها ... إذا لم يعوّذها بنغمة طالب

والذي يقول:

تسعون ألفا كآساد الشرى نضجت ... أعمارهم قبل نضج التين والعنب

والذي يقول:

ولّى ولم يظلم وهل ظلم امرؤ ... حثّ النجاء وخلفه التنين

والذي يقول:

فضربت الشتاء في أخدعيه ... ضربة غادرته عودا ركوبا

والذي يقول:

كانوا رداء زمانهم فتصدعوا ... فكأنما لبس الزمان الصوفا

<<  <  ج: ص:  >  >>