فقالت وأرخت جانب الستر بيننا ... لأية أرض أم من الرجلان
فقلت لها أما رفيقي فقومه ... تميم وأما أسرتي فيماني
رفيقان شتّى ألّف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتّى فيأتلفان
وحكى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال: اجتمع عندنا أبو نصر أحمد بن حاتم وابن الأعرابي، فتجاذبا الحديث إلى أن حكى أبو نصر أن أبا الأسود دخل على عبيد الله بن زياد وعليه ثياب رثة فكساه ثيابا جددا من غير أن يعرض له بسؤال، فخرج وهو يقول «١» :
كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر
فإن أحقّ الناس إن كنت مادحا ... بمدحك من أعطاك والعرض وافر
فأنشد أبو نصر قافية البيت الأول «وياصر» بالياء يريد و «يعطف» فقال له ابن الأعرابي: وناصر بالنون فقال: دعني يا هذا وياصري، وعليك بناصرك.
وحدث الصولي قال: غني في مجلس الواثق بشعر الأخطل «٢» :
وشارب مربح بالكاس نادمني ... لا بالحصور ولا فيها بسوّار
فقيل بسوار وبسئّار، فوجه إلى ابن الأعرابي وهو يومئذ بسرّ من رأى فسئل عن ذلك فقال: بسوار يريد بوثاب، أي لا يثب على ندمائه، وبسئّار أي لا يفضل في القدح سؤره، وقد رويا جميعا، فأمر له الواثق بعشرة آلاف درهم. وحكي عن ابن الأعرابي أنه روى قول الشاعر «٣» :
ولا عيب فينا غير عرق لمعشر ... كرام وأنا لا نحطّ على النمل
نحطّ بحاء مهملة وقال: معناه أنا لا نحط على بيوت النمل لنصيب ما جمعوه- وهذا تصحيف- وإنما الرواية لا نخط على النمل واحدتها نملة، وهي قرحة تخرج بالجنب تزعم المجوس أن ولد الرجل إذا كان من أخته ثم خط على النملة شفي صاحبها، ومعنى البيت إنا لسنا بمجوس ننكح الأخوات.