ونقلت من كتاب «نتف الطرف» تأليف أبي علي الحسين بن أحمد السلامي البيهقي صاحب كتاب «ولاة خراسان» - وقد ذكرناه في بابه [١]- قال: خرّج أبو سعيد الضرير عن أبي عبيد من «غريب الحديث» جملة مما غلط فيه، وأورد في تفسيره فوائد كثيرة ثم عرض ذلك على عبد الله بن عبد الغفار وكان أحد الأدباء فكأنه لم يرضه، فقال لأبي سعيد: ناولني يدك فناوله يده فوضع الشيخ في كفّه متاعه وقال له:
اكتحل بهذا يا أبا سعيد حتى تبصر فكأنك لا تبصر.
ثم قال: سمعت أبا جعفر محمد بن سليمان الشرمقاني قال: سمعت أبا سعيد الضرير يقول: كان يقال إذا أردت أن تعرف خطأ أستاذك فجالس غيره.
وله تصانيف منها: كتاب الردّ على أبي عبيد في غريب الحديث. وكتاب الأبيات.
قال السلامي: حدثني أبو العباس محمد بن أحمد الغضاري قال حدثني عمي محمد بن الفضل، وكان قد بلغ مائة وعشرين سنة قال: لما قدم عبد الله بن طاهر نيسابور وأقدم معه جماعة من فرسان طرسوس وملطية وجماعة من أدباء الأعراب منهم عرّام وأبو العميثل وأبو العيسجور وأبو العجنّس وعوسجة وأبو العذافر وغيرهم فتفرّس أولاد قواده وغيرهم بأولئك الفرسان، وتأدبوا بأولئك الأعراب، وبهم تخرّج أبو سعيد الضرير، واسمه أحمد بن خالد، وكان وافى نيسابور مع عبد الله بن طاهر، فصار بهم إماما في الأدب. وقد كان صحب بالعراق أبا عبد الله محمد بن زياد الأعرابي وأخذ عنه، فبلغ ابن الأعرابي أن أبا سعيد يروي عنه أشياء كثيرة مما يفتي فيه، فقال لبعض من لقيه من الخراسانية: بلغني أن أبا سعيد يروي عني أشياء كثيرة فلا تقبلوا منه من ذلك غير ما يرويه من أشعار العجاج ورؤبة، فإنه عرض ديوانهما عليّ وصحّحه.
وحدّث عن الغضاري عن عمه قال: اختصم بعض الأعراب الذين كانوا مع عبد الله بن طاهر في علاقة بينهم إلى صاحب الشرطة بنيسابور فسألهم بيّنة وشهودا يعرفون، فأعجزهم ذلك، فقال أبو العيسجور:
إن يبغ منا شهودا يشهدون لنا ... فلا شهود لنا غير الأعاريب
وكيف يبغي بنيسابور معرفة ... من داره بين أرض الحزن واللّوب