العلوم الشرعية والحكمية، اجتمع له خمسة أشياء ما جمعها الله لغيره فيما علمته من امثاله وهي سعة العبارة في القدرة على الكلام وصحّة الذهن والاطلاع الذي ما عليه مزيد والحافظة المستوعبة والذاكرة التي تعينه على ما يريده في تقرير الأدلّة والبراهين، وكان فيه قوّة جدلية ونظر دقيق، وكان عارفا بالأدب له شعر بالعربي ليس في الطبقة العليا ولا السفلى وشعر بالفارسي لعلّه يكون فيه مجيدا. وكان عبل البدن ربع القامة كبير اللحية في صورته فخامة. كانوا يقصدونه من اطراف البلاد على اختلاف مقاصدهم في العلوم وتفنّنهم فكان كلّ منهم يجد عنده النهاية فيما يرومه منه. قرأ الحكمة على المجد الجيلي، والجيلي من كبار الحكماء وقرأ بعد والده على الكمال السمناني وقيل على الطبسي صاحب «الحائز في علم الروحاني» والله أعلم.
وله تصانيف ورزق الإمام فخر الدين السعادة العظمي في تصانيفه وانتشرت في الآفاق وأقبل الناس على الاشتغال بها ورفضوا كتب الأقدمين. وكان في الوعظ باللسانين مرتبة عليا وكان يلحقه الوجد حال وعظه ويحضر مجلسه ارباب المقالات والمذاهب ويسألونه. ورجع بسببه خلق كثير من الكرامية وغيرهم إلى مذهب السنّة وكان يلقّب بهراة شيخ الإسلام. يقال انه حفظ «الشامل في أصول الدين» لإمام الحرمين.
قصد خوارزم وقد تمهّر فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى العقيدة فأخرج من البلد، وقصد ما وراء النهر فجرى له أيضا ما جرى بخوارزم، فعاد إلى الريّ وكان بها طبيب حاذق له ثروة وله بنتان فزوّجهما بابني فخر الدين ومات الطبيب فاستولى على جميع نعمته ومن ثم كانت له النعمة. ولما وصل السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بالغ في إكرامه وحصلت له اموال عظيمة منه. وعاد إلى خراسان واتصل بالسلطان خوارزم شاه محمد بن تكش وحظي عنده وأظنّه توجّه رسولا منه إلى الهند.
وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه وأتى فيها بما لم يسبق إليه لأنه يذكر المسألة ويفتح باب تقسيمها وقسمة فروع ذلك التقسيم ويستدلّ بأدلّة السبر والتقسيم فلا يشذّ منه عن تلك المسألة فرع لها به علاقة فانضبطت له القواعد وانحصرت معه المسائل، وكان ينال من الكرامية وينالون منه.
ويقال إن الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله كان يعظ الناس على عادة مشايخ العجم وأن الحنابلة كانوا يكتبون له قصا تتضمّن شتمه ولعنه وغير ذلك من