القبيح، فاتفق انهم رفعوا إليه يوما قصّة يقولون فيها ان ابنه يفسق ويزني وان امرأته كذلك، فلما قرأها قال: هذه القصّة تتضمّن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنّة الشباب فإنه شعبة من الجنون ونرجو من الله تعالى اصلاحه والتوبة، وأمّا امرأتي فهذا شأن النساء الا من عصمه الله وأنا شيخ ما فيّ للنساء مستمتع، هذا كلّه يمكن وقوعه، وأمّا انا فو الله لا قلت ان البارىء سبحانه وتعالى جسم ولا شبّهته بخلقه ولا حيّزته، انتهى.
ولما توفي الإمام فخر الدين بهراة في دار السلطنة يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة كان قد أملى رسالة على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدلّ على حسن عقيدته وظنّه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه، والرسالة مشهورة ولولا خوف الإطالة لذكرتها ولكن منها: وأقول ديني متابعة سيّد المرسلين، وقائد الأولين والآخرين إلى حظائر قدس ربّ العالمين، وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما، اللهمّ يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا راحم العبرات، ويا قيام المحدثات والممكنات، انا كنت حسن الظنّ بك، عظيم الرجاء في رحمتك، وأنت قلت: انا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي خيرا، وأنت قلت: أمّن يجيب المضطر اذا دعاه، وأنت قلت: وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب، فهب أنّي ما جئت بشيء فأنت الغنيّ الكريم، وأنا المحتاج اللئيم، وأعلم انه ليس لي أحد سواك، ولا أحد كريم سواك، ولا أحد محسن سواك، وأنا معترف بالزلّة والقصور، والعيب والفتور، فلا تخيّب رجائي، ولا تردّ دعائي، واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت، وعند الموت، وبعد الموت، وسهّل عليّ سكرات الموت، وخفّض عنّي نزول الموت، ولا تضيّق عليّ سبب الآلام والأسقام فإنك أرحم الراحمين. ثم قال في آخرها: واحملوني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هناك، وإذا وضعتموني في اللحد فاقرأوا عليّ ما تقدرون من آيات القرآن العظيم ثم ردّوا عليّ التراب بالمساحي، وبعد إتمام ذلك قولوا مبتهلين إلى الله مستقبلين القبلة، على هيئة المساكين المحتاجين: يا كريم، يا كريم، يا عالما بحال هذا الفقير المحتاج، أحسن إليه، واعطف عليه، فأنت أكرم الأكرمين، وأنت أرحم الراحمين، وأنت الفعّال به وبغيره ما تشاء، فافعل به ما أنت أهله، فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة انتهى. قلت: ومن وقف على هذه الألفاظ علم ما كان عليه