هذا الإمام من صحّة الاعتقاد ويقين الدين واتّباع الشريعة المطهّرة:
صلاة وتسليم وروح وراحة ... عليه وممدود من الظلّ سجسج
وأكثر شناع عليه لخصومه انه أكثر من إيراد الشبه والأدلّة للخصوم ولم يجب عنها بطائل.
ولما مات الإمام فخر الدين خلف ثمانين ألف دينار سوى الدوابّ والعقار وغير ذلك، وخلف ولدين، الأكبر منهما تجنّد في حياة أبيه وخدم خوارزم شاه، والآخر اشتغل ولم نعلم له ترجمة وأظنّه الذي صنّف له «الأربعين في أصول الدين» لكنه قال: لأكبر أولادي محمد، والله أعلم. وكان له في أيامه صورة كبيرة وجلالة وافرة وعظمة زائدة. قال أبو المحاسن محمد بن نصر الله بن عنين: كنت بخراسان في مجلس الفخر الرازي إذ اقبلت حمامة يتبعها جارح فسقطت في حجر الرازي وعاذت به وهو على منبره فقمت وأنشدت بديها:
يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا ... في كلّ مسغبة وثلج خاشف
والعاصمين إذا النفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيج الراعف
من نبّأ الورقاء انّ محلّكم ... حرم وأنك ملجأ للخائف
وافت اليك وقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستانف
ولو انها تحبى بمال لانثنت ... من راحتيك بنائل متضاعف
جاءت سليمان الزمان حمامة ... والموت يلمع من جناحي خاطف
فخلع عليه جبّة كانت عليه، قال: فكان هذا سببا لإقبال السعود عليّ وتسنّي الآمال لديّ، انتهى. واقترح الإمام عليه قصيدة في كلّ كلمة منها سين فنظمها ابن عنين وأولها:
مرسى السيادة سنّة سيفيّة ... محروسة مسعودة التأسيس
واقترح عليه قصيدة أخرى في كلّ كلمة منها حاء فنظمها أيضا وأولها:
حيّا محلّ الحاجبيّة بالحمى ... والسفح سيح مدلّح سحّاح
والقصيدتان مثبتتان في ديوانه.