وقال له ابن الجماز المغني «١» : هل تذكر سالف معاشرتنا؟ فقال: اذ تغنّينا ونحن نستعفيك.
ودخل على أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير فقال له «٢» : ما الذي أخرك عنا يا أبا العيناء؟ فقال: سرق حماري، فقال: وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع اللص فأخبرك، قال: فهلا أتيتنا على غيره؟ قال: قعد بي عن الشراء قلة يساري، وكرهت ذلّ المكاري، ومنة العواري.
وقيل له «٣» إلى متى تمدح الناس وتهجوهم؟ فقال: ما دام المحسن يحسن والمسيء يسيء وأعوذ بالله أن أكون كالعقرب تلسب النبيّ والذمي.
ودخل على ابن ثوابة «٤» عقب كلام جرى بينه وبين الوزير أبي الصقر ابن بلبل، وكان ابن ثوابة تطاول على الوزير، فقال له أبو العيناء: بلغني ما جرى بينك وبين الوزير، وما منعه من استقصاء الجواب إلا أنه لم يجد فيك عزا فيضعه ولا مجدا فينقصه، وبعد فإنه عاف لحمك أن يأكله وسهك «٥» دمك أن يسفكه، فقال ابن ثوابة:
وما أنت والدخول بيني وبين هؤلاء يا مكدّي؟ فقال: لا تنكر على ابن ثمانين قد ذهب بصره وجفاه سلطانه أن يعوّل على إخوانه فيأخذ من أموالهم، ولكن أشدّ من هذا من يستنزل الماء من أصلاب الرجال فيستفرغه في جوفه فيقطع نسلهم ويعظّم أوزارهم، فقال ابن ثوابة: ما تسابّ اثنان الا غلب ألأمهما، فقال أبو العيناء: وبذا غلبت أبا الصقر بالأمس، فأفحمه.
وخاصم يوما علويا فقال له العلوي: تخاصمني وقد أمرت أن تقول اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد؟ فقال: لكني أقول الطيبين الطاهرين فتخرج أنت.
وقال له ابن الجهم يوما «٦» : يا مخنث فقال: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ