ولما وكل موسى بن عبد الملك الأصبهاني «١» بنجاح بن سلمة ليستأديه ما عليه من الأموال عاقبه موسى فهلك ابن سلمة في المطالبة والعقاب، فلقي بعض الرؤساء أبا العيناء وقال له: ما عندك من خبر نجاح بن سلمة فقال أبو العيناء: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ
(القصص: ١٥) فبلغت كلمته موسى فلقيه وقال له: أبي تولع والله لأقومنك فقال له أبو العيناء: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ
(القصص: ١٩) .
وقال له العباس بن رستم «٢» يوما: أنا أكفر منك، فقال له: لأنك تكفر ومعك خفير مثل عبيد الله بن يحيى وابن أبي دواد وأنا أكفر بلا خفارة.
وقال أبو العيناء «٣» : مررت يوما في درب بسرّ من رأى فقال لي غلامي: يا مولاي في الدرب حمل سمين، والدرب خال، فأمرته أن يأخذه وغطيته بطيلساني وصرت به إلى منزلي، فلما كان من الغد جاءتني رقعة من بعض رؤساء ذلك الدرب مكتوب فيها: جعلت فداك، ضاع لنا بالأمس حمل فأخبرني صبيان دربنا أنك أنت أخذته فأمر بردّه متفضلا، فكتبت إليه: يا سبحان الله ما أعجب هذا الأمر، مشايخ دربنا يزعمون أنك بغاء وأكذّبهم أنا ولا أصدقهم وتصدّق أنت صبيان دربك أني أخذت الحمل؟! قال: فسكت ولم يعاودني.
وقال له رجل «٤» من بني هاشم: بلغني أنك بغاء، فقال: وما أنكرت من ذلك مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مولى القوم منهم، فقال الهاشمي. إنك دعيّ فينا، قال:
بغائي صحح نسبي فيكم.
ولقيه «٥» بعض الكتاب في السحر فقال متعجبا من بكوره: يا أبا عبد الله أتبكر في مثل هذا الوقت؟ فقال له أبو العيناء: أتشاركني في الفعل وتنفرد بالتعجب؟
ودعا أبو العيناء «٦» سائلا ليعشيه فلم يدع شيئا الا أكله، فقال له: يا هذا دعوتك رحمة فاتركني رحمة.
ووقف عليه رجل من العامة، فلما أحس به قال: من هذا قال: رجل من بني