تعالى بستره وإخفائه، ونهى عن إشاعته وإفشائه، فإن عبادة الأوثان خير من ذلك الاحتساب «١» ، والعقوبة أجدر بمباشر ذلك من الأجر والثواب. وأمرناه أن يبالغ في تعديل المكاييل والموازين، على وفق أحكام الشرع والدين، فإن وجد تفاوتا في شيء منها سوّاه وعدّله، وغيره وبدّله، وأدّب صاحبه على رؤوس الأشهاد، لينزجر عن مثله أهل الخيانة والفساد، وليعلم أنه في عهدة ما يطوي وينشر، وينهى ويأمر، يوم ينشر الديوان، وينصب الميزان، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
(الشعراء: ٨٨) وسبيل الأئمة والعلماء وكافة الرعايا حاطهم الله أن يتوفروا على تعظيم قدره وتفخيم أمره، ويبالغوا فيما يرجع إلى تمهيد قواعد حرمته، وتشييد أركان حشمته، ولا يعترضوا عليه في شغل الاحتساب، فإن ذلك أمانة هو حاملها، ووديعة هو ضامنها، والسلام.
ولرشيد الدين شعر دون نثره جودة، فمن ذلك قصيدة أوردها ضمن كتاب إلى صدر الدين بن نظام الدين رئيس جرجان «٢» :
جنابك صدر دين الله حصن ... لأهل الفضل من نوب الزمان
وصدرك في الخطوب إذا ألّمت ... محطّ رحال حفّاظ القران
وجودك دونه فيض الغوادي ... وعزمك دونه حدّ السنان
وبابك فيه مسكن كلّ عاف ... وعفوك فيه مأمن كلّ جان
غدوت قريع فرسان القوافي ... وحائز سبقها «٣» يوم الرهان
لقد بلّغت قاصية المعالي ... كما ملّكت ناصية المعاني
وأعجزت الأفاضل في التحدي «٤» ... بمعجزة الفصاحة والبيان