فزجروه فهجاهم وقذفهم حتى نفي عن البصرة الى الحجاز فمات هناك سنة ثمان وتسعين ومائة. وكان قارئا تروى عنه حروف يقرأ بها، وصحب الخليل بن أحمد وأبا عبيدة وأخذ عنهما الأدب واللغة، وله معرفة بالحديث. روى عن سفيان بن عيينة وسفيان الثوري وشعبة وجماعة. وذكر ليحيى بن معين فقال: لا يروي عنه من فيه خير، وذكر له مرة فقال: أعرفه كان يرسل العقارب في المسجد بالبصرة حتى تلسع الناس وكان يصبّ المداد بالليل في أماكن الوضوء حتى يسوّد وجوههم.
وقال أبو العتاهية يوما لابن مناذر «١» : كيف أنت في الشعر؟ فقال: أقول في الليلة عشرة أبيات إلى خمسة عشر، فقال أبو العتاهية: لو شئت أن أقول في الليلة ألف بيت لقلت، فقال: أجل والله، لأنك تقول:
ألا يا عتبة الساعه ... أموت الساعة الساعه
وتقول:
يا عتب مالي ولك ... يا ليتني لم أرك
وأنا أقول:
ستظلم بغداد ويجلو لنا الدجى ... بمكة ما عشنا ثلاثة أبحر
إذا وردوا بطحاء مكة أشرقت ... بيحيى وبالفضل بن يحيى وجعفر
فما خلقت إلا لجود أكفّهم ... وأرجلهم إلا لأعواد منبر
ولو أردت مثله لتعذر عليك الدهر، واني لا أعوّد نفسي مثل كلامك الساقط، فخجل أبو العتاهية.
وقال يوما ليونس النحوي، يعرض به: أينصرف جبّل أم لا؟ فقال له: قد عرفت ما أردت يا ابن الزانية، فانصرف وأعدّ شهودا ثم جاءه وأعاد السؤال، وعرف يونس ما أراد فقال: الجواب ما سمعته أمس.
قال الجاحظ «٢» : كان ابن مناذر مولى سليمان القهرمان «٣» وسليمان مولى