وإن كان مختلقا على البديهة فهو أعجب.
وحكى ابن السراج قال: كان بين المبرد وثعلب ما يكون بين المتعاصرين من المنافرة، واشتهر ذلك حتى قال بعضهم:
كفى حزنا أنا جميعا ببلدة ... ويجمعنا في أرضها شرّ مشهد
وكلّ لكلّ مخلص الودّ وامق ... ولكنه في جانب عنه مفرد
نروح ونغدو لا تزاور بيننا ... وليس بمضروب لنا يوم موعد
فأبداننا في بلدة والتقاؤنا ... عسير كلقيا ثعلب والمبرد
وكان أهل التجميل يفضلون المبرد على ثعلب، وفي ذلك يقول أحمد بن عبد السلام:
رأيت محمد بن يزيد يسمو ... الى الخيرات في جاه وقدر
جليس خلائف وغذيّ ملك ... وأعلم من رأيت بكلّ أمر
وفتيانيّة الظرفاء فيه ... وأبّهة الكبير بغير كبر
فينثر إن أجال الفكر درّا ... وينثر لؤلؤا من غير فكر
وكان الشعر قد أودى فأحيا ... أبو العباس داثر كلّ شعر
وقالوا ثعلب رجل عليم ... وأين النجم من شمس وبدر
وقالوا ثعلب يفتي ويملي ... وأين الثّعلبان من الهزبر
وهذا في مقالك مستحيل ... تشبّه جدولا وشلا ببحر
وقال بعضهم في المبرد وثعلب:
أيا طالب العلم لا تجهلنّ ... وعذ بالمبرد أو ثعلب
تجد عند هذين علم الورى ... فلا تك كالجمل الأجرب
علوم الخلائق مقرونة ... بهذين في الشرق والمغرب
وقال أبو بكر ابن الأزهر «١» : حدثني أبو العباس المبرد قال، قال لي المازني: