ثم أخذ يثني عليه، فلم ينطق الزمخشري حتى فرغ ابن الشجري من كلامه، فلما أتم كلامه شكر الشريف وعظّمه وتصاغر له ثم قال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بصر بالنبي صلى الله عليه وسلم رفع صوته بالشهادتين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا زيد الخيل، كلّ رجل وصف لي وجدته دون الصفة إلا انت فانك فوق ما وصفت، وكذلك سيدنا الشريف، ثم دعا له وأثنى عليه.
توفي أبو القاسم الزمخشري بقصبة خوارزم ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
ومن شعره:
العلم للرحمن جلّ جلاله ... وسواه في جهلاته يتغمغم
ما للتراب وللعلوم وإنما ... يسعى ليعلم أنه لا يعلم
وقال أيضا:
كثر الشكّ والخلاف وكلّ ... يدّعي الفوز بالصراط السويّ
فاعتصامي بلا إله سواه ... ثم حبي لأحمد وعلي
فاز كلب بحبّ أصحاب كهف ... كيف أشقى بحبّ آل نبي
وله في مدح «تفسير الكشاف» :
إن التفاسير في الدنيا بلا عدد ... وليس فيها لعمري مثل كشّافي
إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته ... فالجهل كالداء والكشاف كالشافي
ومن كلامه ما استخرجته من كتابه «الأطواق» قال: استمسك بحبل مواخيك، ما استمسك بأواخيك، واصحبه ما صحب الحقّ وأذعن، وحل مع أهله وظعن، فان تنكرت أنحاؤه، ورشح بالباطل إناؤه، فتعوض عن صحبته وإن عوّضت الشّسع، وتصرّف بحبله ولو أعطيت النّسع. فصاحب الصدق أنفع من الترياق النافع، وقرين السوء أضرّ من السم الناقع.
وقال: الدعة من الضّعة مرة، لا تشره إليها نفس حرة.
وقال: الكريم إذا ريم على الضيم نبا، والسريّ متى سيم الخسف أبى. وقلما عرفت الأنفة والإباء، في غير من شرفت منه الآباء.