وقال: عزة النفس وبعد الهمة، الموت الأحمر والخطوب المدلهمة، ولكن من عرف منهل الذلّ فعافه، استعذب نقيع العزّ وذعافه.
وقال: أحمق من النعامة، من افتخر بالزعامة؛ لم أر أشقى من الزعيم، ولا أبعد منه من الفوز بالنعيم، هالك في الهوالك، خابط في الظلم الحوالك، على آثاره العفاء، أدركته بمجانيقها الضعفاء.
وقال: الدنيا أدوار، والناس أطوار، فالبس لكلّ يوم بحسب ما فيه من الطوارق، وجانس كلّ قوم بقدر ما لهم من الطرائق، فلن تجري الأيام على أمنيتك، ولن تنزل الأقوام على قضيتك.
وقال: ألا أحدثك عن بلد الشوم، ذلك بلد الوالي الغشوم، فاياك وبلد الجور وان كانت أعزّ من بيضة البلد، وأحظى أهله بالمال المثمر والولد، وتوقع أن تسقط فيه الطيور النواعق، وتأخذ أهله الرجفة والصواعق.
وقال: لا تقنع بالشرف التالد، فذلك الشرف للوالد، واضمم إلى التالد طريفا، حتى تكون بهما شريفا، ولا تدلّ بشرف أبيك، ما لم تدلّ عليه بشرف فيك.
وقال: كبّ الله على مناخره، من زكّى نفسه بمفاخره، على أن ربّ مساخر، يعدها الناس مفاخر.
وقال: ما لعلماء السوء جمعوا عزائم الشرع ودوّنوها، ثم رخصوا فيها لأمراء السوء وهوّنوها، إنما حفظوا وعلّقوا، وصفّفوا وحلّقوا، ليقمروا المال وييسروا، ويفقروا الأيتام ويوسروا، أكمام واسعة، فيها أصلال لاسعة، وأقلام، كأنها أزلام، وفتوى، يعمل بها الجاهل فيتوى.
ومن إنشائه ما كتب به إلى حافظ الاسكندرية أبي الطاهر السلفي جوابا عن كتاب كتبه إليه يستجيزه به وهو «١» : ما مثلي مع أعلام العلماء، إلا كمثل السّها مع مصابيح السّماء، والجهام الصّفر من الرّهام مع الغوادي الغامرة للقيعان والآكام، والسّكيت المخلّف عن خيل السباق، والبغاث مع الطير العتاق، وما التلقيب بالعلّامة، إلا شبه الرقم والعلامة، والعلم مدينة أحد بابيها الدراية، والثاني الرواية،