مولى بني أسد المعروف بالفراء أبو زكريا: أخذ عن أبي الحسن الكسائي، وروى عن قيس بن الربيع ومندل بن علي، وأخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمري «١» وغيرهما. كان هو والأحمر أشهر أصحاب الكسائي، وكانا أعلم الكوفيين بالنحو من بعده. وأخذ أيضا عن يونس بن حبيب البصري فاستكثر منه، والبصريون ينكرون ذلك حكى محمد بن الجهم قال، حدثنا الفراء، قال أنشدني يونس النحوي:
ربّ حلم أضاعه عدم الما ... ل وجهل غطّى عليه النعيم
وعن الفراء أيضا قال يونس: الآل من غدوة إلى ارتفاع النهار، ثم هو سراب سائر النهار، وإذا زالت الشمس فهو فيء، وفي غدوة ظلّ، وأنشد لأبي ذؤيب «٢» :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله ... واقعد في أفيائه بالأصائل
وله روايات كثيرة عن يونس لا نطيل بذكرها.
وكان أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب يقول «٣» : لولا الفراء ما كانت اللغة لأنه حصّلها «٤» وضبطها، ولولاه لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع ويدّعيها كلّ من أراد ويتكلم الناس على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب.
وكان الفراء فقيها عالما بالخلاف وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها عارفا بالطب والنجوم متكلما يميل إلى الاعتزال، وكان يتفلسف في تصانيفه ويستعمل فيها ألفاظ الفلاسفة.
وحكى أبو العباس ثعلب عن ابن نجدة قال «٥» : لما تصدى أبو زكريا يحيى بن زياد
الأزهري ١: ١٨ وفهرسة ابن خير: ٣١١، ٣١٢، ٣٩٨ ونور القبس: ٣٠١ ونزهة الألباء: ٦٥ والأنساب (دمج) ٩: ٢٤٧ (واللباب: الفراء) وانباه الرواة ٤: ١- ١٧ وابن خلكان ٦: ١٧٦ وتذكرة الحفاظ: ٣٧٢ وسير الذهبي ١٠: ١١٨ وعبر الذهبي ١: ٣٥٤ ومرآة الجنان ٢: ٣٨ والبداية والنهاية ١٠: ٢٦١ وطبقات ابن الجزري ٢: ٣٧١ وتهذيب التهذيب ١١: ٢١٢ وبغية الوعاة ٢: ٣٣٣ والبلغة: ٢٨٠ وروضات الجنات ٤: ٢٣٥ واشارة التعيين: ٣٧٩ (واكثر ما أورده ياقوت موجود في نزهة الألباء) ولأحمد مكي الأنصاري دراسة عنه (القاهرة: ١٩٦٤) .