إنه طفل رومي الجنس أسر صغيرا، وبيع في بغداد، وأطلق عليه من اشتراه (أو من باعه) اسم «ياقوت» أي اختار له اسما جميل الوقع على عادة العرب في اختيار أسماء محببة يدعون بها الأرقاء. ولما كان بمنزلة اليتيم الذي لا يعرف اسم أبيه، جعل «عبد الله» اسما لأبيه (أي أن أباه كان واحدا من عبيد الله) وذلك هو أكثر حال الأرقاء الذين كانوا يباعون صغارا مثل ياقوت بن عبد الله الموصلي معاصر ياقوت الحموي «١» ، وياقوت بن عبد الله الذي يميز بلقبه وكنيته «مهذب الدين أبو الدر»«٢» ، وغيرهما كثيرون «٣» .
وقد كنت أظن أن هذه أمور لا تتطلب شرحا حتى وجدت من يقول: «وقد يرجح أن أباه (عبد الله الرومي) قد أسره الروم وعاش زمانا في بلدهم، حتى ولد له ياقوت في أرض الروم، ثم أسره العرب وهو طفل فعاد إلى وطن أبيه» «٤» .
وكان عمر الطفل حين حمل إلى بغداد خمس سنين أو ست «٥» ، وكان الذي اشتراه ببغداد تاجرا حمويا يدعى عسكر بن أبي نصر بن إبراهيم «٦» ، وقد اكتسب ياقوت نسبة «الحموي» لأن سيده كان حمويا، وحين كبر لقّب «شهاب الدين» وتكنّى «أبا عبد الله» وفي مرحلة متأخرة سمّى نفسه «يعقوب» بدل «ياقوت» ، إلا أنّ اسم «ياقوت» ظلّ أغلب عليه «٧» .
ولولا أن ياقوتا رسخ في أذهان بعض معاصريه أنه من مواليد عام ٥٧٤ أو ٥٧٥ لكان تعيين عام مولد طفل- في مثل وضعه- أمرا منوطا بالتخمين المطلق، ولكن