قبل، تعرّف إلى عدد كبير من الناس، بعضهم كانوا أصدقاء، وبعضهم كانوا أساتذة له، وبعضهم معارف وضعتهم المصادفة في طريقه، ومن كل هؤلاء أفاد، على درجات متفاوتة. ففي أصدقائه كابن النجار مثلا من يرقى إلى درجة شيوخه في مبلغ ما استمدّ من علمه. ويبدو أنه شارك ابن النجار في كثير من الشيوخ بسبب تقارب النشأة، والمشاركة في الموطن، والسعي نحو غاية مشتركة، وقد حاولت عند الحديث عن سيرة حياة ياقوت أن أعدّ فريقا ممن لقي في تجواله، ولكن كثيرين منهم لم يرتبط ذكره لهم بتاريخ معين للقاء، ولهذا لم يكن إدراجهم في سيرته بحسب التدرج التاريخي ممكنا.
فمن أصدقائه الفقيه أبو عبد الله الحسين بن شروين بن بشر الباكلبي (نسبة إلى باكلبا من قرى إربل) وقد عمل معيدا في عدة مدارس في الموصل وحلب ويقول ياقوت إنه شاب فاضل مناظر «١» ، ومنهم الشهاب محمد بن فضلون العقري وكان يعارض معه إعراب شيخهما أبي البقاء العكبري لقصيدة الشنفرى «٢»(لامية العرب) .
وممن تعرف إليهم عن طريق التجارة إبراهيم بن عسكر بن محمد بن ثابت، ويصفه بقوله: فيه عصبية ومروة تامة وقد مدحه الشعراء «٣» ، بل إن أول شيخ قرأ عليه كان تاجرا وسيجيء ذكره مع سائر شيوخه. وكان ابن البرفطي الدسكري المغرم بخط ابن البواب أحد أصدقائه، وقد أنشده أشعارا أثبت بعضها ولم يثبت بعضها الآخر، أقام بحلب مدة ثم عاد إلى بغداد «٤» ، وفي بغداد التقى بأديب أندلسي هو محمد بن أحمد بن سليمان الزهري، ويقول فيه: وكان لي صديقا معاشرا حسن الصحبة، وعلى الرغم من أنه يصف شعره بالجودة فإنه لم يثبت شيئا منه دون أن يذكر سببا لذلك «٥» .
ولا أتردد في أن أعدّ من أصدقائه عز الدين ابن الأثير المؤرخ، فهو ذو صلة وثيقة