بعد فقتل، فسأل عنه المعتضد فذكر القاسم قتله فلم ينكره. وكان الذي نقمه المعتضد على أحمد بن الطيب أن عبيد الله بن سليمان دخل يوما على المعتضد بعد تغيّظ المعتضد عليه من شيء بلغه عنه وخاطبه بما يكره، فلما خرج قال: يا أحمد ما ترى إلى هذا الفاعل الصانع وقد أخرب الدنيا واحتجن الأموال، وفي جنبه ثلاثة آلاف ألف دينار ما يمنعني من أخذها إلا الحلم عنه، وفعل الله بي وصنع إن أنا استعملته أكثر من هذا. قال: فخرج أحمد بن الطيب فوجد عبيد الله على الباب ينتظره، فحمله إلى داره وواكله وسقاه ووهب له مالا عظيما وخلع عليه خلعا كثيرة ورفق به وسأله أن يعلمه ما عساه جرى بعد خروجه من ذكره، فاستحلفه أحمد بن الطيب على كتمان ذلك. فحلف له، فخبره الخبر على حقيقته وودّعه أحمد ونهض، فركب عبيد الله من عنده بعد أن عمل ثبتا يحتوي على جميع ما له [من] تبر وورق وضيعة وحرس وقماش وعقار ودابة وبغل ومركب وغلام وآلة وسائر الأعراض، وجاء إلى المعتضد فخاطبه على الأمور كما كان يخاطبه، فلما حضر وقت انصرافه قال: أريد خلوة من أمير المؤمنين لمهمّ عارض أذكره، فأخلى مجلسه، فحلّ سيفه بين يديه ومنطقته وقبل الأرض وبكى وقال: يا أمير المؤمنين، الله الله في دمي، أقلني واعف عني وهب لي الحياة واغفر لي إجرامي وما في نفسك عليّ، فأمّا مالي فوالله- وابتدأ يحلف بالطلاق والعتاق وما تبعه من أيمان البيعة- إن كتمتك منه شيئا، وهذا ثبت بجميع ما أملكه، وطيبة من نفسي وانشراح من صدري، بارك الله لك فيه، ودعني أخدمك وأخد [م] . فقال له المعتضد: ما بك إلى هذا حاجة ولا في نفسي عليك ما يوجب هذا. فقال: الآن قد علمت أن رأي أمير المؤمنين عليّ فاسد، إذ ليس يخرج إليّ بما عنده فيّ، ولا يقبل ما بذلته، ولا يقع منه عقاب وأخذ يلجّ في البكاء والتضرّع، فرقّ له المعتضد وتغيّظ من معرفته بذلك، فقال: أتحبّ أن أقول هذا؟ قال: نعم، قال: تصدقني عن السبب الذي حملك على هذا، فعرّفه ما جرى له مع أحمد بن الطيب فرضي عنه وحلف له على ما سرّ به وخفف عن خاطره، ووثق له أنه لا يسيء إليه، وأنفذ في الحال وقبض على أحمد بن الطيب وحبسه.
[وله من الكتب: كتاب مختصر قاطيغورياس. كتاب مختصر كتاب بارميناس.