للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هذه كلمة عجمية معناها كذب) .

ومنهم أخوه أبو المعالي صاعد بن مدرك بن علي بن محمد بن عبد الله بن سليمان [١] : مولده ومنشؤه شيزر وحماة، ومات بمعرة النعمان، ومن شعره:

ألا أيا أيها الوادي المنينيّ هل لنا ... تلاق فنشكو فيه صنع التفرّق

أبثّك ما بي من غرام ولوعة ... وفرط جوى يضني وطول تشوق

عسى أن ترقي حين ملّكت رقّه ... وترثي له مما بهجرك قد لقي

بوصل يروّي غلّة الوجد والأسى ... ويطفى به حرّ الجوى والتحرق

وغير هؤلاء حذفت أسماءهم اختصارا، وإنما قصدت الإخبار عن إعراق أبي العلاء في بيت العلم.

ونقلت من بعض الكتب أنّ أبا العلاء لما ورد إلى بغداد قصد أبا الحسن علي بن عيسى الربعي ليقرأ عليه، فلما دخل إليه قال علي بن عيسى: ليصعد الاصطيل، فخرج مغضبا ولم يعد إليه. والاصطيل في لغة أهل الشام الأعمى، ولعلها معرّبة.

ودخل على المرتضى أبي القاسم فعثر برجل فقال: من هذا الكلب؟ فقال المعري: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما. وسمعه المرتضى فاستدناه واختبره فوجده عالما مشبعا بالفطنة والذكاء فأقبل عليه إقبالا كثيرا.

وكان أبو العلاء يتعصّب للمتنبي ويزعم أنه أشعر المحدثين ويفضله على بشار ومن بعده مثل أبي نواس وأبي تمام، وكان المرتضى يبغض المتنبي ويتعصّب عليه، فجرى يوما بحضرته ذكر المتنبي فتنقّصه المرتضى وجعل يتتبع عيوبه، فقال المعري:

لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله:

لك يا منازل في القلوب منازل

لكفاه فضلا، فغضب المرتضى وأمر فسحب برجله وأخرج من مجلسه، وقال لمن بحضرته: أتدرون أيّ شيء أراد الأعمى بذكر هذه القصيدة؟ فإن للمتنبي ما هو أجود منها لم يذكرها، فقيل: النقيب السيد أعرف، فقال: أراد قوله في هذه القصيدة:


[١] الخريدة ٢: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>