للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أيضا [١] :

الحمد لله قد أصبحت في لجج ... مكابدا من هموم الدهر قاموسا

قالت معاشر لم يبعث إلاهكم ... إلى البرية عيساها ولا موسى

وإنما جعلوا الرحمن مأكلة ... وصيروا دينهم للملك ناموسا

ولو قدرت لعاقبت الذين بغوا ... حتى يعود حليف الغيّ مرموسا

ومن ذلك أيضا قوله:

ولا تحسب مقال الرسل حقّا ... ولكن قول زور سطّروه

وكان الناس في عيش رغيد ... فجاؤوا بالمحال فكدّروه

قال المؤلف: نقلت هذا كلّه من تاريخ غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن الصابي، وحمدت الله تعالى على ما ألهم من صحة الدين وصلاح اليقين، واستعذت به من استيلاء الشيطان على العقول.

قرأت في كتاب «فلك المعاني» : إن كثيرا من الجهّال يعدّ الموت ظلما من البارىء عز وجل ويستقبحه بما فيه من النعمة والحكمة والراحة والمصلحة، وقد قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري مع تحذلقه ودعواه الطويلة العريضة وشهرة نفسه بالحكمة ومظاهرته:

ونهيت عن قتل النفوس تعمّدا ... وبعثت أنت لقتلها ملكين

وزعمت أن لنا معادا ثانيا ... ما كان أغناها عن الحالين

وهذا كلام مجنون معتوه يعتقد أنّ القتل كالموت والموت كالقتل، فليت هذا الجاهل لما حرم الشّرع وبرده، والحقّ وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يدّع ما هو بريء منه بعيد عنه، ولم يقل:

غدوت مريض العقل والرأي فالقني ... لتخبر أنباء العقول الصحائح

حتى سلّط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر فقال له: أنا ذلك


[١] اللزوميات ٢: ٢٢ (٢: ٣٤ صادر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>