للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدث الرئيس أبو الحسين هلال بن المحسن قال: كنت مع فخر الملك أبي غالب ابن خلف بالأهواز فكتب الى أبي ياسر عمار بن أحمد الصيرفي: احمل إلى أبي الحسن البتي مائتي دينار مع امرأة لا يعرفها، واكتب معها رقعة غير مترجمة، وقل فيها: قد دعاني ما آثرته من مخالطتك، ورغبت فيه من مودتك، الى استدعاء المواصلة منك، وافتتاح باب الملاطفة بيني وبينك، وقد أنفذت مع الرسول مائتي دينار. فأخذها أبو الحسن وكتب على ظهر الرقعة: مال لا أعرف مهديه فأشكر له ما يوليه، إلا أنه صادف إضاقة دعت إلى أخذه والاستعانة في بعض الأمور به، وقلت [١] :

ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... سوى أنه قد سلّ عن ماجد محض

وإذا سهّل الله لي اتساعا رددت العوض موفورا، وكان المبتدىء بالبر مشكورا.

وكان أبو الحسن قد فطن للقصة، وكتب ما كتب على بصيرة. ولما أنفذ أبو ياسر بالجواب أقرأنيه فخر الملك، فاستحسنت وقوع هذا البيت موقعه من التمثل.

ومن شعر الرضيّ الموسوي إليه الأبيات المشهورة [٢] :

أبا حسن أتحسب أن شوقي ... يقلّ على مكاثرة [٣] الخطوب

يهشّ لكم على العرفان قلبي ... هشاشته إلى الزّور الغريب

وألفظ غيركم ويسوغ عندي ... ودادكم مع الماء الشروب

ورثاه الرضيّ الموسوي بقوله [٤] :

ما للهموم كأنها ... نار على قلبي تشبّ

والدمع لا يرقا له ... غرب كأن العين غرب

ما كنت أحسب أنني ... جلد على الأرزاء صعب

ما أخطأتك النائبا ... ت إذا أصابت من تحبّ


[١] البيت لأبي خراش الهذلي (شرح أشعار الهذليين: ١٢٣١) .
[٢] ديوان الرضي (بيروت) ١: ١٩٣.
[٣] الديوان: معارضة.
[٤] ديوان الرضي ١: ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>