للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله أيضا:

ما احمرت العين من دمع أضرّ بها ... في عرصتي طلل أو إثر مرتحل

لكن رآها الذي يهوى وقد نظرت ... في وجه آخر فاحمرّت من الخجل

قال ابن عبد الرحيم: وكان القادر بالله استتر عنده لما طلبه الطائع قبل انحداره، وأخذ يده أن يستلينه، فلما ولي وقضي الأمر صرف ابن حاجب النعمان ورتبه في كتابته، واتفق أن كان ذلك في وقت الأضحى، فخرج إليه خادم على العادة في مثل ذلك فقال له: رسم أن تحصى أسقاط الأضاحي، فقال لغلامه: خذ الدواة فإنّ القوم يريدون كيرعانيا [١] ولا يريدون كاتبا، وانصرف بهذا المزح من الخدمة، وكان الهزل قد غلب عليه وعزب عنه الجدّ جملة.

وكان بينه وبين الرضيّ مقارضة لكلام جرى بينهما، فاتفق أن اجتاز بقرب دار الرضيّ عند مسجد الأنباري، فقال لغلامه: مل بنا عن تلك الدار فإني أكره المرور بها، فالتفت فوقعت عينه على الرضي، فتمم كلامه من غير أن يقطعه وقال: فإنني لا وجه لي في لقائه لطول جفائه، فاستحسن هذا من بديهته، ودخل دار الرضيّ واصطلحا.

ومن نوادره أنه سمع يوما أصوات الملاحين وارتفاع ضجة فقال: ما هذا؟

فقالوا: هؤلاء أولاد أبي الفضل ابن حاجب النعمان وأبي سعيد ابن أبي الخطاب وجماعة أولادهم، فقال: ما بيننا وبين هؤلاء إلا موت الآباء؟

ورأى معلما قبيح الوجه يعرف بنفّاط الجن، وكان وحشا انكشفت سوءته، فقال له: يا هذا استر عورتك السفلى، فإنك قد أدليت ولكن بغير حجّة.

واستقبل أبا عبد الله ابن الدرّاع في ميدان بستان فخر الدولة، وهو متكىء على يد غلام أسود، فقال أبو عبد الله: هذا الأسود يصلح لخدمة سيدنا، فقال البتي:

أي الخدم؟ فقال: خدمة الفراش، فقال: اللهم غفرا أرمى بالبغاء وليس في منزلي خنفساء ويعرى منه سيدنا وفي داره جميع بني حام؟!


[١] لعلّه: يريدون كراعيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>