بشر ابن الحواري بمولود، وكان ابن الحواري سمج الخلقة، فقال له البتي:
إن كان هذا المولود يشبهك فويه ثم ويه.
وسقاه الفقاعي في دار فخر الدولة فقاعا فلم يستطبه، فردّ الكوز مفكرا، فقال له الفقاعي: في أيّ شيء تفكر؟ فقال: في دقة صنعتك، كيف أمكنك أن تخرى في هذه الكيزان كلّها مع ضيق رأسها.
واتاه غلامه في مجلس حفل فقال له: ان ابنك وقع من ثلاث درج، فقال:
ويلك من ثلاث بقين أو خلون؟ فلم يفهم عنه، فقال: إن كان خلون فسهل وان بقين فيحتاج إلى نائحة.
ودخل الرقي العلويّ على فخر الملك فقال: أطال الله بقاء مولانا وأسعده بهذا اليوم، فقال له: وأيّ يوم هذا؟ فقال: أيلون، فقال البتي، بالنون؟ فقال: ما قرأت النحو، فقال البتي: أنت إذا معذور فإنك ثلاثة أرباع رقيع (أراد رقيّ إذا ألحقت به العين وهو الحرف الرابع صار رقيع) .
قال ابن عبد الرحيم: وكان بين البتي وبين أبي القاسم ابن فهد ملاحاة ومنابذة ثم أصلح فخر الملك بينهما، فعمل فيه أبياتا يقول فيها:
قلت للبتيّ لما ... رام صلحي من بعيد
وكان يرمى بالبخر ويزنّ بالأبنة أيضا.
وقال فيه أيضا:
وكلّ شرط للصلح أقبله ... إن أنت أعفيتني من القبل
وحدث ابن عبد الرحيم قال: وكان البتي مقبولا مستملحا في جميع أحواله ولم يكن فيه أقلّ من شعره، فإنه كان في غاية البرد وعدم الطبع، وكان قد عمل في فخر الملك وهو يسدّ بثق النهروان قصيدة يصف فيها السّكر قال فيها:
إذا أتاه الماء من جانب ... عاجله بالسدّ من جانب
فقال له: هذا والله أيها الاستاذ بارد، وأعاده فحكى البيت وتأمله، وقال: نعم والله هو بارد، وجعل يعوج على نفسه ويكرر الانشاد مستبردا له، فضحك فخر الملك منه وقطع الإنشاد ولم يتممه.