للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل الهوى سهل يسير سلوكه ... ولكنه يفضي إلى مسلك وعر

ويجمع أوصاف الهوى ونعوته ... لحرفين سعد الوصل أو شقوة الهجر

وله أيضا:

إلى الله أشكو من زماني حوادثا ... رمت بسهام البين في غرض الوصل

أصابت بها قلبي ولم أقض منيتي ... ولو قتلتني كان أجمل بالفعل

متى تتمايل بين قتل وفرقة ... تجد فرقة الأحباب شرا من القتل

قال أبو بكر الخطيب: كتب معي أبو بكر البرقاني إلى أبي نعيم الأصبهاني الحافظ كتابا يقول في فصل منه: وقد نفذ إلى ما عندك عمدا متعمدا أخونا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- أيده الله وسلمه- ليقتبس من علومك، ويستفيد من حديثك، وهو بحمد الله ممن له في هذا الشأن سابقة حسنة، وقدم ثابت، وفهم به حسن. وقد رحل فيه وفي طلبه وحصل له منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله الطالبين له، وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك، مع التورّع والتحفظ وصحة التحصيل، ما يحسن لديك موقعه، ويجمل عندك منزلته. وأنا أرجو إذا صحت منه لديك هذه الصفة أن يلين له جانبك، وأن تتوفر له وتحتمل منه ما عساه يورده من تثقيل في الاستكثار، أو زيادة في الاصطبار، فقديما حمل السلف عن الخلف ما ربما ثقل، وتوفروا على المستحقّ منهم بالتخصيص والتقديم والتفضيل ما لم ينله الكلّ منهم.

وقال الرئيس أبو الخطاب ابن الجراح يمدح الخطيب [١] :

فاق الخطيب الورى صدقا ومعرفة ... وأعجز الناس في تصنيفه الكتبا

حمى الشريعة من غاو يدنّسها ... بوضعه ونفى التدليس والكذبا

جلا محاسن بغداد فأودعها ... تاريخه مخلصا لله محتسبا

وقام في الناس بالقسطاس منحرفا [٢] ... عن الهوى وأزال الشكّ والريبا

سقى ثراك أبا بكر على ظمأ ... جون ركام يسحّ الواكف السربا


[١] تهذيب ابن عساكر ١: ٤٠١ (والتاريخ ٧: ٢٧) .
[٢] م وابن عساكر: منزويا.

<<  <  ج: ص:  >  >>