أردت تقبيله يوما مخالسة ... فصار من خاطري في خدّه أثر
وكم حليم رآه ظنّه ملكا ... وراجع الفكر فيه أنه بشر
قال عبد الخالق بن يوسف: أنشدني من لفظه الشيخ أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش عن الخطيب، وقال: هي في أبي منصور ابن النقور [١] :
الشمس تشبهه والبدر يحكيه ... والدرّ يضحك والمرجان من فيه
ومن سرى وظلام الليل معتكر ... فوجهه عن ضياء البدر يغنيه
زوي له الحسن حتى حاز أحسنه ... لنفسه وبقي للخلق باقيه
فالعقل يعجز عن تحديد غايته ... والوهم يقصر عن فحوى معانيه
يدعو القلوب فتأتيه مسارعة ... مطيعة الأمر منه ليس تعصيه
سألته زورة يوما فأعجزني ... وأظهر الغضب المقرون بالتيه
وقال لي دون ما تبغي وتطلبه ... تناول الفلك الأعلى وما فيه
رضيت يا معشر العشاق منه بأن ... أصبحت تعلم اني من محبيه
وأن يكون فؤادي في يديه لكي ... يميته بالهوى منه ويحييه
وله أيضا:
بنفسي عاتب في كلّ حال ... وما لمحبه ذنب جناه
حفظت عهوده ورعيت منه ... ذماما مثله لي ما رعاه
حرمت وصاله إن كنت يوما ... جرى لي خاطر بهوى سواه
ولو تلفي رضاه لهان عندي ... خروج الروح في طلبي رضاه
وله أيضا:
خمار الهوى يربي على نشوة الخمر ... وذو الحزم فيه ليس يصحو من السكر
وللحبّ في الأحشاء حرّ أقلّه ... وأبرده يوفي على لهب الجمر
أخبركم يا أيها الناس أنني ... عليم بأحوال المحبين ذو خبر
[١] البيتان الاولان في طبقات السبكي ٤: ٣٧ والأبيات كلها في المستفاد: ٥٥- ٥٦.