للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو ذاك بعينه.

وحكى أن ثعلبا خرج يوما على أصحابه وليس فيهم إلا كهل أو شيخ فأنشد متمثلا:

ألا ربما سؤت الغيور وبرّحت ... بي الأعين النّجل المراض الصحائح

فقد ساءني أن الغيور يودّني ... وأن نداماي الكهول الجحاجح

قلت أنا: هذا والله مليح جدا.

وحدث جحظة في «أماليه» قال: كنت يوما في مجلس ثعلب، فقال له رجل:

يا سيدي ما البعجدة؟ قال: لا أعرفها في كلام العرب، فقال الرجل: فإني وجدتها في شعر عبد الصمد بن المعذل حيث يقول:

أعاذلتي أقصري ... أبع جدتي بالمنن

فاغتاظ أبو العباس غيظا عظيما وقال: يا قوم أجيدوا أذنيه عركا أو يحلف أنه لا يرجع يحضر حلقتي ففعلنا.

حدث أبو عمر الزاهد قال «١» : كنت في مجلس أبي العباس ثعلب فسأله سائل عن شيء فقال: لا أدري، فقال له: أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الأبل، وإليك الرحلة من كل بلد؟ فقال له ثعلب: لو كان لأهلي بعدد ما لا أدري بعر لا ستغنيت.

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الزهري «٢» : كان بيني وبين أبي العباس ثعلب مودة وكيدة، وكنت أستشيره في أموري، فجئته يوما أشاوره في الانتقال من محلّة إلى محلة لتأذيّ بالجيران، فقال: يا أبا محمد، العرب تقول: صبرك على أذى من تعرف خير من استحداث ما لا تعرف.

قال أبو عمر الزاهد: أنشدني أبو العباس ثعلب:

إذا ما شئت أن تبلو صديقا ... فجرب ودّه عند الدراهم

فعند طلابها تبدو هنات ... وتعرف ثمّ أخلاق المكارم

<<  <  ج: ص:  >  >>