للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت تبقى ونحن طرّا فداكا ... أحسن الله ذو الجلال عزاكا

فلقد جلّ خطب دهر أتانا ... بمقادير أتلفت ببّغاكا

عجبا للمنون كيف أتاها ... وتخطّت عبد الحميد أخاكا

كان عبد الحميد أصلح للموت ... من الببغا وأولى بذاكا

شملتنا المصيبتان جميعا ... فقدنا هذه ورؤية ذاكا

حدث أبو القاسم عبد الله بن محمد بن ناقيا الكاتب في «كتاب ملح الممالحة» قال: لما خرج عبد الله بن طاهر من بغداد إلى خراسان قال لابنه محمد: إن عاشرت أحدا بمدينة السلام فعليك بأحمد بن يوسف الكاتب، فإن له مروءة، فما عرج محمد حين انصرف من توديع أبيه على شيء حتى هجم على أحمد بن يوسف في داره، فأطال عنده، ففطن له أحمد فقال: يا جارية غدينا، فأحضرت طبقا وأرغفة نقية وقدّمت ألوانا يسيرة وحلاوة وأعقب ذلك بأنواع من الأشربة في زجاج فاخر وآلة حسنة وقال: يتناول «١» الأمير من أيها شاء. ثم قال له: إن رأى الأمير أن يشرف عبده ويجيئه في غد أنعم بذلك، فنهض وهو متعجّب من وصف أبيه له، وأراد فضيحته فلم يترك قائدا جليلا ولا رجلا مذكورا من أصحابه إلا عرفهم أنه في دعوة أحمد بن يوسف، وأمرهم بالغدوّ معه، فلما أصبحوا قصدوا دار أحمد بن يوسف، وقد أخذ أهبته وأظهر مروءته، فرأى محمد بن النضائد والفرش والستور والغلمان والوصائف ما أدهشه، ونصب ثلاثمائة مائدة وقد حفت بثلاثمائة وصيفة، ونقل إلى كل مائدة ثلاثمائة لون في صحاف الذهب والفضة ومثارد الصين، فلما رفعت الموائد قال ابن طاهر: هل أكل من بالباب؟ فنظروا فإذا جميع من بالباب قد نصبت لهم الموائد فأكلوا، فقال: شتان بين يوميك يا أبا الحسن (كذا في هذه الرواية كناه بأبي الحسن) فقال: أيها الأمير ذاك قوتي وهذه مروءتي.

وحدث الصولي قال «٢» : كان من أول ما ارتفع به أحمد بن يوسف أن المخلوع لما قتل أمر طاهر الكتّاب أن يكتبوا إلى المأمون فأطالوا، فقال طاهر: أريد أخصر من

<<  <  ج: ص:  >  >>