هذا، فوصف له أحمد بن يوسف فأحضره لذلك، فكتب: أما بعد فإنّ المخلوع وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النّسب واللحمة فقد فرّق حكم الكتاب بينه وبينه في الولاية والحرمة، لمفارقته عصمة الدين، وخروجه عن إجماع المسلمين، قال الله عز وجل لنوح عليه السلام في ابنه: يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح
(هود: ٤٦) ولا صلة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة ما كانت في ذات الله. وكتبت إلى أمير المؤمنين وقد قتل الله المخلوع، وأحصد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له وعده، فالأرض بأكنافها أوطأ مهاد لطاعته، وأتبع شيء «١» لمشيئته. وقد وجهت إلى أمير المؤمنين بالدنيا وهو رأس المخلوع، وبالآخرة وهي البردة والقضيب، والحمد لله الآخذ لأمير المؤمنين بحقه، والكائد له من خان عهده ونكث عقده حتى رد الألفة، وأقام به الشريعة، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فرضي طاهر ذلك وأنفذه ووصل أحمد بن يوسف وقدمه.
وحدث محمد بن عبدوس «٢» أنه لما حمل رأس المخلوع إليه وهو بمرو أمر المأمون بإنشاء كتاب عن طاهر بن الحسين ليقرأ على الناس، فكتبت عدة كتب لم يرضها المأمون والفضل بن سهل، فكتب أحمد بن يوسف هذا الكتاب فلما عرضت النسخة على ذي الرئاستين رجع نظره فيها ثم قال لأحمد بن يوسف: ما أنصفناك، ودعا بقهرمانه وأخذ القلم والقرطاس وأقبل يكتب بما يفرّغ له من المنازل، ويعدّ له فيها من الفرش والآلات والكسوة والكراع وغير ذلك، ثم طرح الرقعة إلى أحمد بن يوسف وقال له: إذا كان في غد فاقعد في الديوان، وليقعد جميع الكتاب بين يديك، واكتب إلى الآفاق.
وحدث فيما رفعه إلى إبراهيم بن إسماعيل قال «٣» ، قال: كثر الطلاب للصلات بباب المأمون، فكتب إليه أحمد بن يوسف: داعي نداك يا أمير المؤمنين ومنادي جدواك جمعا الوفود ببابك يرجون نائلك المعهود، فمنهم من يمتّ بحرمة، ومنهم من يدلي