بخدمة، وقد أجحف بهم المقام، وطالت عليهم الأيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعشهم بسيبه، ويحقق حسن ظنهم بطوله فعل إن شاء الله تعالى.
فوقع المأمون: الخير متبع، وأبواب الملوك مظانّ لطالبي الحاجات ومواطن لهم، ولذلك قال الشاعر:
يسقط الطير حيث يلتقط الحبّ وتغشى منازل الكرماء فاكتب أسماء من ببابنا منهم، واحك مراتبهم ليصل إلى كلّ رجل قدر استحقاقه، ولا تكدّر معروفنا عندهم بطول الحجاب وتأخير الثواب، فقد قال الشاعر:
فانك لن ترى طردا لحرّ ... كالصاق به طرف الهوان
حدث أحمد بن أبي طاهر قال «١» : كتب صديق لأحمد بن يوسف الكاتب في يوم دجن إليه: يومنا ظريف النواحي، رقيق الحواشي، قد رعدت سماؤه وبرقت وحنت وارجحنت، وانت قطب السرور، ونظام الأمور، فلا تفردنا منك فنقلّ، ولا تنفرد عنا فنذلّ، فإن المرء بأخيه كثير وبمساعدته جدير. قال: فصار أحمد بن يوسف إلى الرجل وحضرهم من أرادوا، ثم تغيمت السماء فقال أحمد بن يوسف:
أرى غيما تؤلفه «٢» جنوب ... وأحسب أن سيأتينا بهطل
فعين الرأي أن تدعو برطل ... فتشربه وتدعو لي برطل
وتسقيه ندامانا جميعا ... فيفترقون منه بغير عقل
فيوم الغيم يوم الغمّ إن لم ... تبادر بالمدامة كلّ شغل
ولا تكره محرّمها عليها ... فإني لا أراه لها بأهل
قال: فغنى فيه عثعث اللحن المشهور.
وأهدى أحمد بن يوسف هدية في يوم نوروز إلى المأمون وكتب معها «٣» :