يملي، فلما فرغت من الكتاب أمر به فأترب وأصلح وقال: دعه وكل العنوان اليّ، ثم قال لي: كم رزقك يا يوسف في ديواننا؟ فقلت: عشرة دراهم، فقال: قد زادك أمير المؤمنين عشرة دراهم أخرى رعاية لحرمتك بعبد الله بن علي ومثوبة لك على طاعتك ونقاء ساحتك، وأشهد أنك لو اختفيت باختفائه لأخرجتك ولو كنت في جحرة النمل، ثم زايلت بين أعضائك. فدعوت له وخرجت مسرورا بالسلامة.
كان للمأمون «١» جارية اسمها مؤنسة، وكانت تعتني بأحمد بن يوسف، وكان أحمد بن يوسف يقوم بحوائجها، فأدلّت على المأمون في بعض الأمور فأنكر عليها، وصار إلى الشماسية ولم يحملها معه، فاستحضرت نصرة خادم أحمد بن يوسف وحملته رسالة إلى مولاه بخبرها، وسألته التلطف لاصلاح نية المأمون، فلما عرّفه الخادم ذلك دعا بدواته وقصد الشماسية فاستأذن على المأمون، فلما وصل اليه قال:
أنا رسول فأذن لي في تأدية الرسالة، فأنشده هذه الأبيات:
قد كان عتبك مرّة مكتوما ... فاليوم أصبح ظاهرا معلوما
نال الأعادي سؤلهم لا هنّئوا ... لما رأونا ظاعنا ومقيما
هبني أسأت فعادة لك أن ترى ... متجاوزا متفضلا مظلوما
قال: قد فهمت الرسالة، فكن الرسول بالرضى، ووجّه بياسر الخادم فحملها.
وكان موسى بن عبد الملك في ناحية أحمد بن يوسف، وهو خرّجه وقدّمه، قال الحسن بن مخلد: حدثني موسى بن عبد الملك قال: وهب لي أحمد بن يوسف (وكان يرمى بأنه كان يعبث بموسى بن عبد الملك يتعشقه) ألف ألف درهم في مرات، وكان عاتبه فيه محمد بن الجهم البرمكيّ، فكتب إليه أحمد بن يوسف «٢» :