للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لست بلاحيك على حبّه ... ولست في ذاك بمذموم

لأنّ في أسفله سخنة ... كأنها سخنة محموم

ذكر غرس النعمة في «كتاب الهفوات» «١» حدثني محمد بن علي بن طاهر بن الحسين قال: كان أحمد بن يوسف يسقط السقطة بعد السقطة فتتلف نفسه في بعض سقطاته، وذلك أنه حكى علي بن يحيى بن أبي منصور أن المأمون كان إذا تبخر طرح له العود والعنبر، فإذا تبخر أمر باخراج المجمرة ووضعها تحت الرجل من جلسائه اكراما له، وحضر أحمد بن يوسف يوما، وتبخّر المأمون على عادته ثم [أمر] بوضع المجمر تحت أحمد بن يوسف فقال: هاتوا ذا المردود، فقال المأمون: ألنا يقال هذا ونحن نصل رجلا واحدا من خدمنا بعشرة آلاف درهم (قال الصولي في كتاب الوزراء: بستة آلاف ألف دينار، وهو الصحيح) إنما قصدنا إكرامك وأن أكون أنا وأنت قد اقتسمنا بخورا واحدا، يحضر عنبر، فأحضر منه شيء في الغاية من الجودة في كلّ قطعة ثلاثة مثاقيل، وأمر أن تطرح قطعة في المجمر ويبخر بها أحمد ويدخل رأسه في زيقه حتى ينفد بخورها، وفعل به ذلك بقطعة ثانية وثالثة، وهو يستغيث ويصيح، وانصرف إلى منزله وقد احترق دماغه واعتل ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل أربع عشرة ومائتين وكانت له جارية يقال لها نسيم لها من قلبه مكان خطير، فقالت ترثيه «٢» :

ولو أن ميتا هابه الموت قبله ... لما جاءه المقدار وهو هيوب

ولو أن حيّا قبله صابه الردى ... إذا لم يكن للأرض فيه نصيب

وقالت أيضا ترثيه «٣» :

نفسي فداؤك لو بالناس كلّهم ... ما بي عليك تمنّوا أنهم ماتوا

وللورى موتة في الدهر واحدة ... ولي من الهمّ والأحزان موتات

<<  <  ج: ص:  >  >>