قال: وأنشدني له ابن أخيه الأمير مرهف بن أسامة:
لأشكرنّ النوى والعيس إذ قصدت ... بي معدن الجود والاحسان والكرم
فسرت في وطني إذ سرت عن وطني ... فمن رأى صحة جاءت من السقم
وقد ندمت على عمر مضى أسفا ... إذ لم أكن لك جارا فيه في القدم
فاسلم ولا زلت محروس العلا أبدا ... ما لاحت الشهب في داج من الظلم
وقال أخوه أسامة بن مرشد: ونقلت من خطّ أخي عز الدولة أبي الحسن علي بن مرشد من شعره، وكان استشهد رحمه الله على غزة في شهر رمضان سنة خمس وأربعين وخمسمائة في حرب الفرنج لعنهم الله، قبل أن يكمل من شعره، وكان تقنطر به فرسه على باب غزة، واستعلى الفرنج على أصحابه فانكشفوا عنه، فقتل وبقي في المعركة. وأنشد له أشعارا منها قوله في مرض طال به:
ظننت وظنّ الألمعيّ مصدّق ... بأن سقام المرء سجن حمامه
فإن لم يكن موت صريح فإنّه ... عذاب تملّ النفس طول مقامه
وكم يلبث المسجون في قبضة الأذى ... يجرّب فيه الموت غرب حسامه
وأنشد له قوله عند رحيله عن بغداد إلى الحجاز:
ترحلت عن بغداد لا كارها لها ... وفي القلب منها لوعة وحريق
فسقيا لأيام تقضّت بربعها ... إذ العيش غضّ والزمان أنيق
باخوان صدق ليس فيهم مشاقق ... وكلهم حان عليّ شفيق
وأنشد له أيضا:
ولما أعارتني النوى منك نظرة ... أحبّ إلى قلبي من البارد العذب
تعقّبها البين المشتّ فليتنا ... بقينا على تأميلنا لذة القرب
وأنشد له:
ليت شعري علام صدّك عنّا ... بعد ما كنت تدّعي الأشواقا
لا تجار الزمان سبقا إلى الهجر ... فما زال صرفه سبّاقا
أنت غرّ بغدره فلهذا ... قد تعجلت بالصدود الفراقا