الموصلي المغنّي، عشر مقارع- ولا أطيق أكثر منها «١» - وأعفى من الغناء والنسبة إليه.
وكان المأمون يقول: لولا ما سبق لأسحاق على ألسنة الناس وشهر به من الغناء عندهم لولّيته القضاء بحضرتي، فإنه أولى به وأحقّ وأعفّ وأصدق تديّنا وأمانة من هؤلاء القضاة وأكثر.
قال «٢» : بقيت زمانا من دهري أغلّس في كل يوم إلى هشيم فأسمع منه الحديث، ثم أصير إلى الكسائي فأقرأ عليه جزءا من القرآن، وآتي الفرّاء فأقرأ عليه جزءا، ثم آتي منصور زلزل فيضاربني طريقين «٣» أو ثلاثة، ثم آتي عاتكة بنت شهدة فآخذ عنها صوتا أو صوتين، ثم آتي الأصمعي فأناشده، وآتي أبا عبيدة فأذاكره، ثم أصير إلى أبي فأعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغدّى معه، وإذا كان العشاء رحت إلى الرشيد.
وقال الأصمعي «٤» : خرجت مع الرشيد [إلى الرقة]«٥» فلقيت إسحاق الموصلي بها، فقلت له: هل حملت شيئا من كتبك؟ فقال: حملت ما خفّ، فقلت: كم مقداره؟ فقال: ثمانية عشر صندوقا، فعجبت وقلت: إذا كان هذا ما خفّ فكم يكون ما ثقل؟ فقال: أضعاف ذلك.
وكان الأصمعيّ «٦» يعجب بقول إسحاق:
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وابن خازم
عطست بأنف شامخ وتناولت ... يداي الثريا قاعدا غير قائم
وقال «٧» جعفر بن قدامة، حدثني علي بن يحيى بن المنجّم قال: سأل إسحاق