للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذريني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرّهم الفقير

وأبعدهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له حسب وخير

ويقصيه النديّ وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير

وتلقى ذا الغنى وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبه يطير

قليل ذنبه والذنب جمّ ... ولكنّ الغنى ربّ غفور

«قال فكيف تتمّ له الأمور مع هذه الصفات؟ قلت: والله لو أنّ عجوزا بلهاء أو أمة ورهاء أقيمت مقامه لكانت الأمور على هذا السياق «١» ، لأنه قد أمن أن يقال له: لم فعلت ولم لم تفعل؟ وهذا باب لا يتّفق لأحد من خدم الملوك إلا بجدّ سعيد ولقد نصح صاحبه الهرويّ في أموال تاوية وأمور من النظر عارية، فقذف بالرقعة إليه حتى عرف ما فيها، ثم قتل الرافع خنقا، هذا وهو يدين بالوعيد. وقال لي الثقة من أصحابه:

ربما شرع في أمر يحكم فيه بالخطأ فيقلبه جدّه صوابا حتى كأنه عن وحي، وأسرار الله في خلقه عند الارتفاع والانحطاط خفية، ولو جرت الأمور على موضوع الرأي وقضية العقل لكان معلّما في مصطبة على شارع أو في دار لتان «٢» فإنه يحرج «٣» الانسان بتفيهقه وتشادقه، واستحقاره واستكباره، وإعادته وإبدائه، وهذه أشكال تعجب الصبيان ولا تنفّرهم عن المعلمين، ويكون فرحهم بها سببا للملازمة والحرص على التعلم والحفظ والرواية والدراسة» .

هذا قول صاحب «الامتاع» فيه.

ومما وجدت في بعض الكتب من مكارم الاخلاق للصاحب أنه استدعى يوما شرابا من شراب السكر فجيء بقدح منه، فلما أراد شربه قال له بعض خواصه: لا تشربه فإنه مسموم، فقال له: وما الشاهد على صحّة ذلك؟ قال: بأن: تجرّبه على من أعطاكه، قال: لا أستجيز ذلك ولا أستحلّه، قال: فجرّبه على كلب «٤» ، قال: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>